أهم الأخبار : :

أكبر عملية نزوح جماعي منذ الحرب العالمية الثانية.. بؤس سوري في لبنان وأوقات صعبة في مصر

Unknown الثلاثاء، 12 نوفمبر 2013 | 4:12 م

لندن ـ ‘القدس العربي’ ‘مع مرور كل أسبوع تكبر المأساة السورية بطريقة شرسة، وقد صدمت نهاية هذا الأسبوع عندما علمت أن ألفي لاجىء افغاني، من الفقراء المدقعين ومن أكثر بلدان العالم قساوة- ممن هربوا عندما اجتاح الإتحاد السوفييتي بلدهم وبعد الحرب الأهلية التي أعقبت الإنسحاب الروسي، والحرب الأهلية فيما بعد انهيار طالبان وهجمات 9/11 عالقون في غرف أرضية (بدروم) في دمشق غير قادرين على الهروب من سورية أو العودة إلى بلادهم. 
ويقول أن هؤلاء قد يعيشون كابوسا بشعا لأن معظمهم شيعة هربوا من حكم طالبان، ويخشون الآن الجماعات السنية المقاتلة التي تحاول الإطاحة بحكومة بشار الأسد’. 
هذا ما كتبه روبروت فيسك عن الحراك السكاني في المنطقة العربية والذي جاء بفعل تدفق آلالاف المهاجرين السوريين من بلادهم إلى دول الجوار، وهو وأن رأى في الحراك هذا أمرا طبيعيا وليس غريبا على المنطقة التي تشهد صراعات مستمرة إلا أنه يحاول قراءة أثرها على التشكلات السكانية في منطقة الشرق الأوسط. 
وفي هذا يواصل عرض مشكلة الأفغان الشيعة او الهزارا، حيث يقول ‘ ولأن الأسد علوي، أي شكل من أشكال التشيع، ينظر المعارضون السوريون إلى هؤلاء الأفغان على أنهم موالون للنظام، وقيل لي أن عشرة قتلوا منهم بسيارات مفخخة ورصاص. ويتجمع هؤلاء اللاجئون في بناية واحدة وتعرف المفوضية السامية للاجئين عنهم، ولكن عندما تطوعت عشر عائلات قبل أسبوعين وقالت أنها تريد العودة إلى بلدها الأصلي أفغانستان قالت لهم المفوضية أنها لا تستطيع تأمين طريق خروجه. وتحاول هذه المجموعة البائسة الأن استدرار عطف وكرم كندا كي تساعدهم’ وكتب أحدهم من دمشق قائلا ‘نحن لسنا مع أي من الأطراف المتصارعة في سورية’. 
وأضاف ‘لقد جئنا إلى سورية فقط من أجل الهروب من الحرب التي كانت دائرة في بلدنا الأصلي’. 
ويعلق فيسك أنه ربما وفرت كندا لهم الأمان لأن المقاتلين ‘بالتأكيد لن يوفروه لهم، وليس لدى النظام الذي يقاتل من أجل بقائه وسط دمار سورية الوقت لإنقاذ حياتهم، اما اللبنانيون الذي استقبلوا مئات الألوف من السوريين فلن يفتحوا حدودهم للأفغان، هل نهتم بهم، وهل ستقوم كندا بإنقاذهم؟’.

موجات الهجرة

ويعبر الكاتب عن دهشته من الحراك السكاني الكبير في الشرق الأوسط. ففي السبعينات والثمانينات من القرن الماضي كان الأفغان يتدفقون بالملايين نحو الأراضي الباكستانية والإيرانية. كما هرب عشرات الألوف من اللبنانيين بشكل منتظم إلى سورية أثناء الحرب الأهلية اللبنانية. 
ثم في عام 1990 أجبر اجتياح صدام حسين للكويت عشرات الالاف من الكويتيين للنزوح إلى الدول المجاورة وتبعه رحيل جماعي للأكراد بعد إخراج صدام من الكويت وتشجيع الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب العراقيين على الثورة على النظام. 
وفي عام 2003 نزح ملايين العراقيين إلى سورية وإيران والأردن بعد الغزو الأمريكي- البريطاني للعراق. والآن اصبح النازحون السوريون إلى لبنانيمثلون ربع سكان البلاد، وفي بعض القرى الجبلية حول بيروت قامت السلطات المحلية بفرض حظر تجول على السوريين. 
وكما يقول فيسك فحضور السوريين واضح في شوارع لبنان فهم يتسولون في كل شارع من شوارع العاصمة اللبنانية. فبينما ينتشر ملمعو الأحذية على طول الكورنيش في بيروت حيث يقومون بملاحقة أي شخص، ولم يسلم منهم فيسك نفسه.
ويقول ان النساء السوريات يجلسن في زوايا الشوارع وإلى جانبهن اطفالهن في ملابسهم القذرة يتسولن ولو بعض القطع النقدية اللبنانية. ويعاني الإقتصاد اللبناني من الضغوط التي بدأت أفواج اللاجئين اللبنانيين تضعها عليه. 

أثر كارثي

وفي العراق ينزح السوريون بأعداد كبيرة إلى مناطق كردستان العراق، فيما أقيمت لهم مدينة ضخمة في الأردن. 
ويتساءل فيسك عن الأثر الكارثي الذي تتركه موجات الهجرة هذه على مجتمعات الشرق الأوسط حيث تقوم بتدمير مجتمعات بكاملها، وتشتيت هويات قبائل وعائلات بأكملها، وتحول سكانها المسلمون والمسيحيون الى جيوش من المشردين بدون مأوى. ويتساءل أيضا عن الأثر الذي تتركه هذه الهجرات على دينهم ومعتقداتهم. 
ويرى أنه بدون معرفة او الإعتراف به فإننا نواجه أكبر رحيل جماعي عبر الحدود منذ الرحيل الأكبر خلال الحرب العالمية الثانية. 
و’قد جلب هذا الرحيل معه، المرض والبؤس، وليس غريبا اكتشاف حالات مرض شلل الأطفال في سورية، وسيتم تطعيم أكثر من 20 مليون طفل في منطقة الشرق الأوسط، من تركيا إلى غزة ومصر’. 
وعلى ذكر الاخيرة يتحدث فيسك عن معاملة مصر للاجئين السوريين ‘فاللاجئون السوريون يعيشون أوقاتا صعبة في مصر، فقد كان محمد مرسي يفضلهم، قبل ان يعزله الجيش، فقد كان بإمكان السوريين الحصول على العلاج الصحي المجاني والتعليم’. وكان مرسي يدعم المقاتلين في سورية وقطع العلاقات مع نظام الأسد وربما كان هذا السبب الذي هللت أمريكا لقراره مع أنها ‘لم تكن قد لاحظت علاقته مع الأخوان المسلمين السوريين’ على حد قول فيسك. 
وعندما رحل مرسي عن السلطة ‘تحركت ما يطلق عليها الحكومة الإنتقالية وأعادت القيود التي كانت مفروضة على المهاجرين إلى عهدها السابق، وبدأ الإعلام المصري، المتملق كما كان في عهد مبارك بحملة ضد اللاجئين الفلسطينيين والسوريين حيث إدعى انهم دعموا مرسي، وكما وثقت الباحثة جاسمين فريتزتش، فقد طالب أحد مقدمي البرامج بتدمير بيوت ومحلات السوريين إن لم يتراجعوا عن دعمهم لمرسي’. 
وفي الوقت الذي يتعرض فيه السوريون لهذه المعاملة الوحشية فإن أمواج المهاجرين تستمر ‘ويجب أن لا ننسى هناك 750 ألف فلسطيني الذين أخذت إسرائيل الجديدة أراضيهم قبل أكثر من 60 عاما، ولا يزال احفادهم يعيشون في مخيمات قذرة حتى يومنا هذا، وتغمرهم مياه البحر في استراليا أو يموتون في البحر المتوسط أو يكافحون للخروج عبر الأراضي التركية على أمل الوصول لأوروبا، وهناك أناس يهربون ويتركون للجوع او يتعرضون للإغتصاب، أي نوع من القساوة ستخرج من هذه الأرواح المعذبة؟’. 
ويكتب فيسك قائلا أن السويد تفهم هذا من خلال توسيع كرمها وفتح أبوابها للسوريين. وفي النهاية ‘قد تمد كندا يد المساعدة للأفغان في سورية، وكل ما أخشاه أن يقوم العالم الذي يتحمل اللوم على ما يحدث في سورية سيغلق أبوابه ويلوم الضحية، ويرمي عليهم بعض المال بدلا من ذلك، كما فعلت الإسبوع الماضي، وعلى بعد أمتار من بيتي في بيروت على أمل ان يتبعدوا عنه’.

البحث عن المفقودين

من لم يرحل أو يهرب من السوريين يموت جوعا او تحت الأنقاض، حيث يموت الكثيرون وعدد منهم في عداد المجهولين مما دعا ناشطين سوريين وغربيين لتسجيل وتوثيق أسمائهم كما فعل الباحثون بعد مجازر البوسنة في التسعينات من القرن الماضي. 
ونقلت صحيفة ‘الغارديان’ عن رضوان زيادة، مدير مركز دراسات حقوق الإنسان في دمشق قوله أنه ‘لم اكن في يوم أحلم برؤية مقابر جماعية في بلدي’. 
وكان زيادة قد شارك في اجتماع نظمته ‘المفوضية الدولية للبحث عن المفقودين’ في هولندا. وكان الغرض منه البحث عن طرق للتنسيق حول كيفية العثور وتحديد المفقودين في الحرب السورية. فهناك ما يزيد عن 48 ألف مدني فقدت آثارهم في الحرب السورية، وهؤلاء إما فقدوا بعد اعتقالهم أو بسبب المذابح والإعدامات. 
وقد نظمت الإجتماع كاثرين بومبيرغر رئيسة المفوضية والتي تقول الصحيفة أنها تعرف أكثر من أي شخص لإحصاء عدد الأشخاص المفقودين في أنحاء العالم نتيجة للتطهير العرقي، الكوارث الطبيعية او الحروب. 
مشيرة إلى أن الاجتماع ضم مسؤولين في دول تم الكشف فيها عن مقابر جماعية مثل كرواتيا التي كشف فيها عن 150 مقبرة جماعية. 
وتحدث الرئيس الكرواتي ايفو جوسيبوفيتش قائلا أن ‘موضوع الأشخاص المفقودين يظل في قلب كل الصراعات المسلحة’. 
وتنقل الصحيفة عن بومبيرغر قولها ان سورية ‘ تمثل تحديا، فالتحدي يبرز من خلال القيام بعملية بحث بدون تمييز عن المفقودين تشبه التحدي الذي حصل في يوغسلافيا السابقة ، وهو نفس التحدي في سورية و ليبياوالعراق’. 
وتشير الصحيفة إلى أن انشاء المفوضية عام 1999 وجه بنوع من الشك، الشك في عدم قدرتها على تحديد هوية آلاف الذين قتلوا في البوسنة في مذابح جماعية، وتحديد أسماء 8100 مسلم ومسلمة من البوسنة اختفوا بعد مذبحة سبرينتشا عام 1995. 
فقد قال البعض في حينه أن المهمة لن تنجز. وبعد أكثر من أربعة عشر عاما فالقتلى قد دفنوا في قبور معلمة وقادة القتل الذين نظموا المذابح، الجنرال راتكو ميلاديتش ورادوفان كراجيتش يحاكمون أمام محكمة جرائم الحرب في هيج ليس بعيدا عن مكان المؤتمر. 
وقد استطاعت المفوضية باستخدام خبراء الطب الشرعي تحديد هوية 7 آلاف من ضحايا سبرينتشا و10 آلاف من مفقودي الحرب في أنحاء مختلفة من البلقان. 
وتعتمد المنظمة الصغيرة على فريق مكون من 175 خبيرا في مجال البحث الوراثي والبيولوجي وخبراء في حقوق الإنسان، ومعظمهم من يوغسلافيا السابقة حيث تم تجنيدهم لهذه المهمة بعد نهاية الحرب. 
وقد فردت المنظمة اجنحتها عالميا حيث ساعدت في تحديد مقابر في العراق وليبيا والتشيلي، وعدد كبير من الحالات التي فقد فيها أشخاص نتيجة كوارث طبيعية مثل مفقودي إعصار كاترينا عام 2005. وقبله التسونامي في جنوب شرق آسيا عام 2004.
عمل ممتاز

وحظي عمل المفوضية على ثناء من مسؤولين حكوميين مثل ديفيد ميليباند، وزير الخارجية البر يطاني السابق الذي زار مقر المؤسسة في البوسنة ووصفه بأنه مركز عالمي بامتياز، وقال الباحث الدانماركي في مجال الطب الشرعي نيلز مورلينغ، نائب مدير جمعية الطب الوراثي أن ما تقوم به الجمعية ‘فوق العادة’. 
وبناء على هذا السجل شبه الرائع هل حان الوقت لوضع هذه الخبرات في سورية؟ والجواب على هذا السؤال انه من الباكر الحديث عن برنامج يعمل على تحديد المفقودين مما يعني البحث ونبش القبور أمرا صعبا أثناء الحرب الأهلية. خاصة أن المنظمة تقدم دعما ومساعدة للحكومات في مرحلة ما بعد الصراعات. 
وقد زار زيادة وعدد من السوريين في المعارضة مقر المنظمة في سراييفو. وفي الموضوع السوري هو كيفية البحث وتحديد هوية أكثر من 48 ألف سوري مفقود، وما هي الوسائل التشخيصية والقانونية التي يحتاجها الخبراء لإنجاز المهمة. ومن أجل القيام بالمهمة فالمنظمة تحتاج التعامل مع الحكومات وهو ما دعا وزير الخارجية الهولندي فرانس تيمرمانس للدعوة لإعطاء المنظمة صفة قانونية بموجب القانون الدولي بحيث تكون قادرة على العمل في كل أنحاء العالم، ويجد هذا الموقف دعما من بريطانيا
وترى الصحيفة أنه بعيدا عن هوية الشخص المفقود سواء كان من كوسوفو، ليبيا أو العراق فتحديد هويته مهم من ناحية حقوق الإنسان والمصالحة والعدل، كما أنه يساعد في تحديد عدد القتلى واثبات أن ما حدث صحيح وهذا مهم من الناحية التاريخية، كما أن تحديد العدد مهم لمحاكمات جرائم الحرب.