بعد
القرار الإثيوبي بتحويل مجرى النيل الأزرق كبداية لبناء" سد النهضة " ،
دون مراعاة المصالح المشتركة بين الدولتين ، بات من المتظر أن تعاني مصر في
القريب من العطش والجفاف ، نظرا لنقص حصتنا من المياه بقدر يزيد من معاناة
المصريين ، وتضاف أزمة جديدة إلى قائمة الأزمات والمشاكل ، ولكنها ستكون "
الأسود " في تاريخ مصر ، فهذا السد لم يكن فكرة وليدة اليوم ،ولكنه ظهر
في سبعينات القرن الماضي حيث دعت أثيوبيا لإقامة عدد من السدود بهدف
السيطرة علي مياه النهر والتأثير علي حصة مصر والسودان، وهو الأمر الذي دفع
الرئيس أنور السادات إلى إصدار تهديدات واضحة وصريحة بإعلان الحرب علي
أثيوبيا أو أي دولة تمنع حصة مصر من المياه، ورغم ذلك نفاجأ بردود
المسئولين في الحكومة ورئاسة الجمهورية بأن السد لن يؤثر بالسلب على مصر.
أكد الدكتور هاني رسلان،رئيس وحدة السودان وحوض النيل
بمركز الأهرام للدراسات السياسية ، أن بناء سد النهضة سيترتب عليه أضرار
فادحة بمصر ، مستنكرا تصريحات المسئولين المصريين اليوم التي تميل إلى
التهوين من آثاره ، مشيرا إلى أن الدراسات العلمية التي قدمتها اللجنة
الثلاثية هناك ، أثبتت أن " النهضة " له تأثير كبير على السودان ومصر ،
وهو ما تجاهله الجانبين سواء الإثيوبي أو المصري.
وأضاف رسلان لــ " البديل " أن الخطوة المفاجأة التي
اتخذتها إثيوبيا بتحويل مجرى النيل الأزرق ، يترتب عليها نقص حصة مصر من
المياه بمقدار 13 إلى 19 مليار متر مكعب من المياه ، لمدة 6 سنوات وهي فترة
ملء الخزان الناتج عن عملية التحويل ، مشيرا إلى أن رد فعل الجانب المصري
غير مفهوم حتى الآن، ولكنه ناتج عن هدف سياسي بحت وهو السيطرة على الداخل
المصري بطمأنة المواطنين بعدم تأثير السد على حصة مصر من الماء، بالإضافة
إلى استفادة مصر من شراء الكهرباء من هناك.
ومن جانبه قال المهندس ماهر فريد -استشاري بوزارة
الكهرباء - ، إن التوليد المائي الذي تعتمد عليه مصر لإنتاج الكهرباء
حوالي 10% فقط ، أي أننا نعتمد على السد العالي وكل المحطات المائية لتوليد
2840 ميجا واط ، ولذلك فإن ما يثار بشأن نسبة الــ30% وهي تأثير بناء سد
النهضة في" إثيوبيا "على حصة مصر في الكهرباء كلام غير صحيح.
وأوضح أن سد النهضة مازال في مراحل بدائية، ولم يتم بناؤه
بشكل كامل حتى الآن؛ حيث لم تتلق وزارة الري تقديرًا نهائيًا أو دراسة
توضح التأثير الفعلي على مصر.
ولكن الشيء المؤكد هو أن استكمال بناء السد سيقلل حصة مصر
المائية حوالي 9 مليارات متر مكعب فبعد أن كنا نحصل على 55 مليار متر
مكعب ، ستصبح حصتنا 46 مليارا فقط ، وسيعمل ذلك على تقليل المخزون في السد
العالي ، ويؤثر على توليد الكهرباء بنسبة 2أو 3 % فقط، ولكن من الممكن أن
يتم تعويضها بعقد اتفاقية لاستيراد كهرباء من السد الذي ستبنيه .