بدأ البرلمان الأردني، اليوم الثلاثاء في أولى جلسات دورته الاستثنائية، مناقشة مشروع قانون أقرته الحكومة مؤخراً، يتضمن تعديلات على بندين في دستور المملكة، تمنح بموجب إحداهما صلاحيات حصرية للملك بتعيين قائد الجيش، ومدير المخابرات العامة مباشرةً، دون الرجوع من رئيس الوزراء.
وخلال الجلسة التي انطلقت صباحا واستمرت ساعات بدا أن أغلبية النواب تؤيد التعديلات، بينما هاجمتها مجموعة قليلة رأت أنها تقف عائقا أمام مساءلة القيادات العسكرية والأمنية، نظرا لافتقار الدستور لنص يُخضع الملك للمساءلة.
واشتمل مشروع التعديل على بندين، يتعلق الأول بتوسيع إشراف الهيئة المستقلة للانتخاب على الانتخابات البلدية والعامة إضافة إلى النيابية، فيما عدل البند الثاني المادة 40 من الدستور، لتنص على منح الملك صلاحية تعيين قائد الجيش، ومدير المخابرات.
المؤيدون للقرار
وكان رئيس الوزراء عبد الله النسور استأذن ملك الأردن عبد الله الثاني في تقديم هذه التعديلات، بينما أكدت مصادر سياسية رغبة الملك ذاته في نيل صلاحيات تعيين قادة الجيش والمخابرات.
ونقلت وكالة الأنباء الأردنية "بترا" عن رئيس الحكومة عبد الله النسور، مسوغات طرح التعديلات الدستورية، إلى ما قال: إنه "لا يوجد أي سبب لهذه التعديلات الدستورية بأي شكل من الأشكال، إلا الرقي بالعملية الديمقراطية، ودفعها خطوة واسعة إلى الأمام".
ويستند مؤيدو التعديلات الدستورية إلى التأكيد على النأي بالقضايا السيادية المتعلقة بالأجهزة الأمنية عن تجاذبات تشكيل الحكومات البرلمانية، التي قد يرافقها تداخل مصالح حزبية وقوى سياسية، بحسب مراقبين.
الرافضون للقرار
اعتبر بعض الخبراء الدستوريون أن الخطوة "غير مسبوقة" في تاريخ الملكيات الدستورية في العالم، منذ 200 سنة، من شأنها مصادرة حق الشعب، باعتباره مصدراً للسلطات، في مساءلة من يتقلد تلك المواقع السيادية، حيث ستضع مطالبات المساءلة لتلك الأجهزة الملك في مواجهة مع الشعب، بينما يعفي الدستور الملك من أي تبعات ومسؤولية.
وقال الخبير الدستوري "محمد الحموري"، في تصريح له: إن هذه التعديلات المفاجئة "لا تنسجم مع الفكر الدستوري المتعلق بالملكية الدستورية، الذي يرتكز عليه نظام الحكم في الأردن، وهي تشكل خروجاً عن الملكية الدستورية، وتضعنا أمام ملكية رئاسية".
وأضاف "الحموري": "إن التغيير هنا يعطي للملك سلطة رئيس جمهورية، أي ملك بصلاحيات رئيس جمهورية، ونكون بذلك هدمنا ركناً بين السلطة والملك أولاً، وثانياً أخللنا بمبدأ سلطة الشعب في المحاسبة، الملك معفي من كل تبعة ومسؤولية بموجب الدستور، وهذا يعني انهيار النظام البرلماني"، بحسب قوله.
وخلال مداخلته أمام النواب، هاجم النائب "علي السنيد" رئيس الوزراء، وانتقد التعديلات بشدة، وقال :إنها "تسيء للملك ولا تراعي مكانته الدستورية، وهو الذي يمثل روح السلطة وليس السلطة ذاتها".
وتساءل: كيف يصار إلى محاسبة قادة الجيش والمخابرات على أخطائهم؟ وما الجهة المسؤولة "ما دام الملك الذي يعينهم مصانا من أي مساءلة بمقتضى الدستور؟".
وعلى جبهة المعارضة وخصوصا "الإسلامية"، لم تصدر أي مواقف تؤيد أو تنتقد التعديلات المذكورة باستثناء تصريحات شحيحة صدرت عن بعض الحركيين الشباب.
وقال الناشط في الحراك الشبابي الأردني "عبد الله محادين": إن التعديلات تمثل رسالة واضحة بأن كل ما تم الحديث عنه من خطط إصلاحية ليست سوى إبر تخدير، وأضاف: "إن هذه الطريقة لعب بالنار لأن الناس بإمكانهم العودة من جديد إلى الشارع بسقوف ومطالب أعلى".
الدستور الأردني
يذكر أن التعديلات المقترحة جاءت بعد ثلاثة أعوام من إجراء تعديل واسع على الدستور الأردني على وقع الربيع العربي، وشمل هذا التعديل 42 مادة، لكنه لم يمس صلاحيات الملك في تعيين الحكومات وإقالتها وحل البرلمان.
والدستور الأردني هو دستور المملكة الأردنية الهاشمية الذي تم إعلانه في 8 يناير 1952م في عهد الملك عبد الله بن الحسين المؤسس، وحسب بنود الدستور الأردني فإن الأردن هو مملكة دستورية، كما ينص على أن السلطة التنفيذية هي من صلاحيات الملك، وأعضاء مجلس الوزراء، قرار الملك قد يتم الاعتراض عليه من قبل ثلثي أعضاء مجلس الأمة، المكون من مجلس النواب ومجلس الأعيان، أيضا الملك يقبل تعديلات على بنود الدستور، يقوم بإقالة القضاة ويعلن الحرب ويرأس القوات المسلحة كما أنه يرأس الشعب.