أهم الأخبار : :

حمدى شفيق يكتب : (( اقرأ ))

Unknown الجمعة، 11 يوليو 2014 | 10:11 م

أنوار_السيرة 

فى مثل هذا الشهر الكريم -رمضان- كان أمين الأرض مُعتكفاً فى الغار ، عندما نزل عليه أمين السماء جبريل عليه السلام، و أمره قائلاً : (اقرأ)..كان الجسد الشريف يرتعش، من هول المفاجأة ..لأن التقاء النور الملائكى بالطين البشرى يستحيل أن يكون شيئاً عادياً مألوفاً..رد عليه الصلاة و السلام :(ما أنا بقارىء) قصد جبريل أن يعى النبى ما سيتلوه عليه و يحفظه ثم يقرأه..و قصد النبى أنه أُمّى لا يقرأ و لا يكتب فكيف يقرأ ؟!و القراءة تكون للمكتوب،و تكون أيضاً للمحفوظ فى الصدر..ضمّه جبريل بقوة ،ثم تركه و أعاد عليه الأمر (اقرأ) و أعاد النبى الرد (ما أنا بقارىء)..احتضن ملك الوحى خاتم المرسلين بقوّة للمرّة الثانية ، ثم تركه و قال :(اقرأ) و تكرّر الرد : (ما أنا بقارىء)..
و فى المرّة الثالثة ضمّه جبريل ثم تركه ، و قال له : { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ{1} خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ{2} اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ{3} الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ{4} عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ{5}سورة العلق..و كانت هذه الآيات هى أول ما نزل من القرآن الكريم (كما فى الصحيحين).
و هى حكمة الهية كبرى أن يكون أول ما نزل من الكتاب الأعظم ،خاتم الكتب السماوية ، هو الأمر الحكيم :
(( اقرأ ))..فالاسلام هو دين التوحيد و العلوم، و أعظم و أشرف المعارف هو العلم بالله الواحد الأحد و ملائكته و كُتُبه و رُسُله و شريعته ..و قد كانت القراءة ،و ما زالت،و ستظل هى الوسيلة الأساسية لتحصيل العلوم و المعارف الى أن يرث الله الأرض و ما عليها..
و هى قراءة المكتوب و المحفوظ ،و قد يتسع المعنى ليشمل قراءة و تدبّر و دراسة
كل آيات الله ، فى الكتاب المسطور ، و فى الكون المنظور ..و القراءة تكون باسم الله تعالى الخالق سبحانه وحده لا شريك له ، الأكرم ، و ذكر أنه عزّ من قائل علّم (بالقلم) تصريحاً بأهمية أداة الكتابة و تقييد و حفظ العلوم و المعارف ،
و يَمُنّ المولى على جنس الانسان ، بأنه علّمه ما لم يكن يعلم ، من لدن أبينا آدم الى قيام الساعة..
قال الامام ابن كثير رضى الله عنه فى تفسيره :
((أول شيء [ نزل ] من القرآن هذه الآيات الكريمات المباركات. وهن أول رحمة رحم الله بها العباد ، و أول نعمة أنعم الله بها عليهم . وفيها التنبيه على ابتداء خلق الإنسان من علقة ، وأن من كرمه تعالى أن علّم الإنسان ما لم يعلم ، فشرّفه وكرّمه بالعلم ، وهو القدر الذي امتاز به أبو البرية آدم على الملائكة ..والعلم تارة يكون في الأذهان ، وتارة يكون في اللسان ، وتارة يكون في الكتابة بالبنان ، ذهني ولفظي ورسمي ، والرسمي يستلزمهما من غير عكس ، فلهذا قال : ( اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم ) وفي الأثر : (قيّدوا العلم بالكتابة ) وفيه أيضا : " من عمل بما علم رزقه الله علم ما لم يكن " يعلم ")) انتهى.
و قال الامام الزمخشرى رضى الله عنه فى تفسيره لهذه الآيات البيّنات :
((فدلّ على كمال كرمه بأنه علّم عباده ما لم يعلموا ، ونقلهم من ظلمة الجهل إلى نور العلم ، ونبّه على فضل علم الكتابة ؛ لما فيه من المنافع العظيمة التي لا يُحيط بها إلا هو .. وما دُوّنت العلوم ، ولا قُيّدت الحكم ، ولا ضُبطت أخبار الأولين ولا مقالاتهم ولا كُتب الله المُنزّلة إلا بالكتابة .. ولولا هي لما استقامت أمور الدين والدنيا .. ولو لم يكن على دقيق حكمة الله تعالى ولطيف تدبيره دليل إلا أمر الخط والقلم لكفى به) انتهى.