أهم الأخبار : :

نموذج مشرف للإسلام

المحرر الأحد، 2 ديسمبر 2012 | 11:28 م


هو نموذج للمسلم الصحيح الذي يعرف دينه جيدا ويعي قواعده ومبادءه عن ظهر قلب، لا ينــساق وراء القطيع، يعرف أن ديننا الحنيف لا يدعو إلى التعصب ولا الكراهية ولا العنصرية ولا استخدام العنف الذي لا ينتج عنه إلا مزيد من الدماء، بل يدعو إلى الحوار مع الآخر والاحتكام إلى العقل في كل أمور حياتنا الدينية منها والدنيوية. 

أتحدث عن فضيلة الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية، الذي يثبت كل يوم أنه عالم إسلامى جليل من طراز فريد، يقدم الإسلام التنويري ويُعرفه كما يجب أن يكون، إسلام السماحة والرقي والحكمة، الإسلام القائم على الحق والخير والمساواة والعدل. ظهرت بصماته الواضحة في أثناء الأزمة الشعواء ضد الإسلام والرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) التي بدأت بعرض الفيلم المسىء للرسول، ثم قيام عدة مجلات وصحف غربية بنشر رسوم كاريكاتورية تتهكم وتسخر من الإسلام ومن النبى محمد. 

إذا قمنا بمقارنة موقف الدكتور علي جمعة من هذه الأزمة بموقف كثير من الدعاة وشيوخ الفضائيات من أصحاب الفكر الوهابي، فنجد أنه قام بمعالجة الأزمة بحكمة وبعقل ودعا المسلمين إلى عدم الاستجابة إلى مثل تلك الأفعال المشينة التي يتم تصميمها لاستفزازهم، وضرورة الاقتداء بقدوتهم المتمثلة في شخص النبى الكريم في كل أمور حياتهم، وغرس القيم النبيلة التي دعا إليها الإسلام وتعميقها في النفوس، والتي منها القدرة على التصدي للاستفزازات والأعمال الحمقاء السيئة بالصبر والعمل الإيجابي، ورفضه وتحريمه لقتل الأبرياء تحت أي سبب أو حرق الإنجيل لأن الكراهية لا تعالج بالكراهية إنما تعالج بالحب والخير وإفشاء السلام، ودعوته للخروج في مظاهرات سلمية واستبدال الانفعالات والهتافات بالتجمع والجلوس والصلاة على رسول الله بشكل جماعي لإظهار مكانته وتعاليمه الحكيمة وتعظيم شأن النبي ليكون ذلك خير رد على المسيئين. 

وقيامه بكتابة مقال بعنوان "النبي محمد.. رحمة للعالمين" تم نشره في صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، وتم إعادة نشره مرة أخرى في صحيفة لوموند الفرنسية، بالإضافة إلى كتابته مقالات أخرى في صحيفة دير شبيجل الألمانية والموقع الرسمي للتليفزيون الدانماركي، وقيامه بإجراء مقابلة مع شبكة "سي إن إن" العالمية، ووكالة "أسوشيتدبرس" الإخبارية العالمية، والموقع الرسمي لهيئة الأمم المتحدة، والتواصل مع المنظمات الدينية في الولايات المتحدة لمقاضاة صناع الفيلم المسيء للرسول الكريم، ومطالبة الأمم المتحدة بإصدار اتفاقية لتجريم التطاول على الأديان والمقدسات، وإطلاق دار الإفتاء لموقعا الكترونيا عالميا للناطقين باللغة الإنجليزية للتعريف بالإسلام وبنبيه الكريم، نجح في جذب أكثر من 6 مليون مواطن غربى في أكثر من 70 دولة حول العالم، وأخيرا وليس آخرا قيامه بعمل حملة لوضع ملصقات في محطة مترو نيويورك للتعريف بالإسلام لتكون رد على حملة مضادة للملصقات المسيئة للإسلام وللمسلمين. 

على الجانب الآخر نجد أن كثير ممن يطلقون على أنفسهم "دعاة" تعاملوا مع أزمة الإساءات المتكررة للإسلام بشكل مغاير تماما، بشكل يسىء للإسلام ويضره أكثر مما ينفعه، دعوا إلى النزول والاحتشاد أمام السفارة الأمريكية وحرضوا على اقتحامها وقتل من بها بدون الاكتراث أو الاهتمام بأن هؤلاء مبعوثين ومندوبين لبلادهم يعيشون في حماية مصر وأمنها ولا يجوز التعرض لهم بسوء، قام أيضا أحد أنصاف الدعاة بتمزيق الإنجيل والتهديد بالتبول عليه في المرة القادمة، وقيام آخر بالإساءة والتحقير إلى الأقباط وعقيدتهم وحرم الترحم على موتاهم أو تهنئتهم بأعيادهم. 

هذه أمثلة بسيطة بين مسلم ومسلم آخر، مسلم لا يهمه أولا وأخيرا إلى مصلحة دينه وإظهار صورته الحقيقية، ونشر تعاليمه ومبادءه العظيمة بين الناس على اختلاف ديانتهم ولغاتهم وجنسياتهم، ومسلم يتعمد تشويه صورة الإسلام وتنفير الناس منه، والتحريض على العنف والكراهية والعنصرية ضد غير المسلمين. 

إننا أحوج ما نكون هذه الأيام إلى نماذج مثل الدكتورعلي جمعة، الذي يدعو إلى الإسلام الوسطي المعتدل ويجادل بالحكمة والموعظة الحسنة لا بالعنف والضلال الفكرى وتكفير الآخر واستباحة دمه. 
تحية إجلال و تقدير إلى هذا العالم الجليل الذي نقل دار الإفتاء المصرية من المحلية إلى فضاء العالمية، واستطاع أن يمحو بعض التشوهات التي ساهم أنصاف الدعاة وشيوخ الفضائيات في إحداثها لصورة الإسلام، وجعل كثير من الناس في المجتمعات الغربية تتهافت على متابعة مقالاته في الدوريات والصحف العالمية، وحضور محاضراته في المؤتمرات الدولية التي استطاع أن يشيع فيها جو من التعارف والتفاهم والبناء المشترك.