أكدت صحيفة "المصري اليوم" صحة ما نشرته في عددها الصادر الأحد، بعنوان "مفاجأة: الانتحاري الذي قام بتفجير مديرية أمن الدقهلية مرشد للداخلية"، كاشفة عن أنها تمتلك المستندات والوثائق التي تؤكد صحة انفرادها.
جاء ذلك ردا على نفي وزارة الداخلية صحة ما نشرته الصحيفة، وإعلانها أنها قدمت بلاغا إلى النائب العام ضد الصحيفة، بتهمة نشر أخبار كاذبة، تثير الرأي العام.
قصة التفجير وخطورة آثاره
وكانت مديرية أمن الدقهلية تعرضت لهجوم وصف بأنه "انتحاري عن طريق سيارة مفخخة، اخترقت الحاجز، واصطدمت بجانب المبنى"، وذلك صباح الثلاثاء 24 كانون الأول/ ديسمبر 2013، ما أسفر عن مقتل 14 من الضباط وأمناء الشرطة والجنود، واثنين من المواطنين، وأصيب مدير أمن الدقهلية، ومدير مكتبه، وأكثر من 120 من الضباط والجنود والأفراد.
وحملت الحكومة -في يوم التفجير ذاته- جماعة الإخوان المسلمين المسؤولية عن التفجير. وقالت -في بيان أصدرته- إن "مصر كلها رُوعت بالجريمة البشعة التي ارتكبتها جماعة الإخوان المسلمين بتفجيرها مبنى مديرية أمن الدقهلية".
ووصف رئيس الحكومة -وقتها- حازم الببلاوي، جماعة الإخوان بأنها منظمة إرهابية، أظهرت وجهها القبيح، تسفك الدماء، وتعبث بأمن مصر، وذلك على لسان مستشاره الإعلامي الدكتور شريف شوقي.
وكانت جماعة الإخوان المسلمين أدانت التفجير. وقالت إن احتجاجاتها على عزل الرئيس محمد مرسي (المنتمي إليها) هي احتجاجات سلمية.
وبرغم ذلك، فقد أعلنت الحكومة المصرية، يوم الأربعاء 25 كانون الأول/ ديسمبر 2013، أي بعد 24 ساعة فقط من التفجير، جماعة الإخوان المسلمين "تنظيما إرهابيا".
وقال حسام عيسى، نائب رئيس الوزراء وزير التعليم العالي وقتها، في مؤتمر صحفي، إن "مجلس الوزراء قرر إعلان جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية". وأضاف أن مصر "لن ترضخ لإرهاب الجماعة".
وعقد وزير الداخلية محمد إبراهيم مؤتمرا صحفيا في شهر كانون الثاني/ يناير 2014 أعلن فيه "تورط جماعة الإخوان فى التفجير، بالتنسيق مع تنظيم "أنصار بيت المقدس"، وبدعم لوجيستي كامل من حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في قطاع غزة، التي تولت تدريب عناصر الإخوان على أسلحة متطورة، وأنظمة تشويش، وكيفية استخدام الصواريخ لاستهداف الطائرات"، على حد زعمه.
مفاجأة "المصري اليوم"
مكذبة الرواية الرسمية، نقلت "المصري اليوم" -في عددها الصادر الأحد 21 كانون الأول/ ديسمبر 2014- عن مصادر أمنية وصفتها بأنها "رفيعة المستوى قولها، إن الانتحاري الذي ارتكب تفجير مديرية أمن الدقهلية يتعاون مع قطاع الأمن الوطني (أمن الدولة المنحل)، وسبق ضبطه عن طريق ضباط مديرية أمن القاهرة مرتين، وأنه تم تجنيده عن طريق ضباط الأمن الوطني في قطاع شرق القاهرة.
وأضافت المصادر المسؤولة في جهات سيادية -كما وصفتها الصحيفة- أن الانتحاري اسمه إمام مرعي إمام محفوظ، وأنه من مواليد عام 1973 بالقاهرة، وكان يُقيم في 8 شارع يوسف عوض من شارع عرب الطوايلة بمنطقة المطرية، وأنه شهير باسم "أبو مريم"، وكان قد تم القبض عليه في المرتين السابقتين، عن طريق رجال مباحث مديرية أمن القاهرة، في واقعتين منفصلتين.
وتابعت المصادر -وفقا للصحيفة- بأن "تعليمات من قيادات عليا في قطاع الأمن الوطني صدرت إلى ضباط قطاع شرق في عام 2013 بضرورة إخلاء سبيل المتهم عقب لقاء تم مع (لواء شرطة)، ومكالمة طويلة مع رئيس قطاع الأمن الوطني، انتهت بتمزيق محضر الضبط، وكانت الحجة أنه تم تجنيد المتهم من جانب ضباط القطاع، ليكون بمثابة (مرشد أمن وطني) يدلي بمعلومات مهمة عن باقي العناصر الإرهابية".
وقالت المصادر في الصحيفة، إن قيادات مباحث القاهرة أخطرت قيادات في قطاع الأمن العام، بواقعة تمزيق المحضر، التي أبدت اعتراضها على هذا الأسلوب، واعتبرته غير قانوني، وطلبت ضرورة اتخاذ جميع الإجراءات القانونية المطلوبة تجاه المتهم.
وأوضحت المصادر السيادية -وفق "المصري اليوم"- أن اللواء أسامة الصغير، مدير أمن القاهرة، في ذلك الوقت، تلقى اتصالات من بعض القيادات المهمة في قطاع الأمن الوطني، التي تولت العمل عقب محاولة استهداف اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، تطالبه بضرورة صرف المتهم من قطاع شرق، وإخفاء محضر الضبط أو تمزيقه، وهو ما حدث بالفعل، وتم إطلاق سراح المتهم.
وأضافت المصادر أن المتهم تم ضبطه مرة أخرى أثناء مشاركته في مسيرة في منطقة المطرية، وأصيب خلالها أثناء تعديه على قوات الأمن، إلا أن قيادات عليا في قطاع الأمن الوطني، حضرت إلى قطاع مباحث شرق، وتسلمت المتهم بحجة استكمال التحقيقات معه، وأطلقت سراحه لنفس السبب، وهو أنه تم تجنيده للإرشاد عن الإرهابيين، وكان ذلك في شهر نوفمبر 2013 عقب شهرين من تعرض وزير الداخلية لمحاولة الاغتيال في سبتمبر 2013".
وقالت المصادر إن "قيادات قطاع الأمن الوطني يتحملون المسؤولية كاملة عن سقوط ضحايا في حادث تفجير مبنى مديرية أمن الدقهلية، والمصابين، ومنهم اللواء سامي الميهي، مساعد وزير الداخلية، لقطاع شرطة الكهرباء، الذي أصيب في الحادث، وما زال يتلقى العلاج حتى الآن، وآخرون فقدوا حياتهم".
الداخلية تنفي وتقاضي "المصري اليوم"
من جهتها، نفت وزارة الداخلية، الأحد، صحة ما نشرته "المصري اليوم"، قائلة إن ما تناولته الصحيفة حول خلفيات المتهم الرئيس في حادث التفجير غير صحيح.
وقال مركز الإعلام الأمني بالوزارة، إن "وزارة الداخلية اتخذت الإجراءات القانونية قِبَل الصحيفة، وقدمت بلاغا إلى المستشار هشام بركات، النائب العام، ضد الصحيفة، بتهمة نشر أخبار كاذبة تثير الرأي العام".
وأهابت الوزارة بصحيفة "المصري اليوم" بضرورة مراجعة الوزارة في الأخبار المتعلقة بها للتأكد من صحتها، وذلك في إطار معايير العمل الصحفي، ونقل الحقائق بمصداقية وشفافية للرأي العام"، وفق البيان.
"المصري اليوم" تهدد بالوثائق
من جانبها، علقت "المصري اليوم" على بيان الداخلية قائلة إنها تؤكد لجميع الجهات المعنية، وقارئها الذي عودته على المصداقية والحيادية، واتباع جميع القواعد المهنية، امتلاكها كل المستندات والوثائق التي تؤكد صحة انفرادها، وأنها ستقدمها إلى القارئ في الوقت المناسب، على أن تتم مساءلة كل القيادات التي تورطت، وتسببت في إراقة الدماء في التفجير، على حد قولها.
وأشارت الصحيفة إلى أن اللواء محمد إبراهيم قال في حوار صحفي مسجل معها، إن "اللواء خالد ثروت، رئيس قطاع الأمن الوطني، سلمه جميع أسماء المتهمين في محاولة اغتياله عقب 24 ساعة فقط من الحادث"، ما يثير الشكوك حول هوية المتهمين، بحسب الصحيفة.
صدمة لدى الرأي العام
تلقى الرأي العام في مصر بالصدمة ما نشرته صحيفة "المصري اليوم"، وأكدت صدقيته. وتضامن عدد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مع الصحيفة، وأدانوا وزارة الداخلية.
وقال أحمد رجب: "يقتلون القتيل، ويمشون في جنازته". وقال آخر: "الداخلية طلعت إخوان". وعلق أحمد بهجت: "الكفتة للجميع". وقال نعيم خالد: "يعني مطلعوش الإخوان يا عالم يا كدابين". وقال زغلول الأمير: "أمن الدولة طلع إخوان". وقال أبو محمود: "المصري اليوم.. خلية نايمة".
وقال أنور فتحي: "مافيش غير 5 دول بتصنع النوع ده من القنابل منهم مصر وحجم القنبلة كبير جدا بالتالي مستحيل إن جهة خارجيه تقدر تدخلها من الحدود، وتوصلها لمديريه أمن الدقهلية، ومفيش حد من دول العالم أو من معارضي السيسي لديه أي مصلحة سياسية من ارتكاب العملية دي.. بالعكس العملية دي مش هتفيد غير السيسي، وهذا ما حدث".
وأضاف فتحي: "كان واضحا أنها عملية داخلية أو False flag، يعني نظام السيسي هو اللي ارتكبها عشان يتحصل من ورائها على مكاسب سياسية، عن طريق أنه يستخدم القتلى كقربان لوصوله للسلطة، ويتاجر بدمائهم، ويقنع الشعب بأنه يحميهم من خطر وإرهاب حقيقي، وأن معارضيه إرهابيون، ويبرر فشله وقمعه الوحشي ليهم".
وقال آخر: "أقسم بالله.. إنني قلت مع كل عملية إن من فعل هذا هو جهاز المخابرات، وهم يقتلون الجنود والضباط المساكين ليلصقوا التهمة بالإخوان... وكنت متأكدا من أعمال أكثر من ذلك".