وكأنها تحتاج إلى مزيد من الصراعات والتناحر، ولا يكفي شعبها ما يعانيه لكي يتمكن فقط من «العيش» والاحتفاظ بأنفاسه تعلو وتهبط بصدره، شهدت مصر تزايد صراع جديد بين قوتين، المفترض فيهما أنهما يضطلعان بمهمة إنسانية جليلة تتمثل في علاج المرضى، وهما الأطباء والصيادلة؛ ليقف المريض بينهما تائهًا لا يمكنه الوصول إلى حقيقة واحدة، ويتبدد شعوره بأنه آمن على جسده ونفسه بين يدي أي منهما.
الصيادلة يستغيثون ويرفضون بيع بعض الأطباء الأدوية في عياداتهم الخاصة، مشيرين إلى أن هذه الأدوية تشكل خطورة على صحة المرضى للجهل بمصدرها، وبطرق حفظها وتخزينها.
وقال الدكتور محمد سعودى، وكيل نقابة الصيادلة، إن بعض الأطباء يبيعون الأدوية داخل العيادات الخاصة بهم، بما يعد مخالفة صريحة لقانون مزاولة مهنة الصيدلة، الذى ينص على أنه «لا يجوز لأحد أن يزاول مهنة الصيدلة بأية صفة كانت إلا إذا كان مصريًّا أو من بلد تجيز قوانينه للمصريين مزاولة مهنة الصيدلة به وكان اسمه مقيدًا بسجل الصيادلة بوزارة الصحة العمومية وفي جدول نقابة الصيادلة».
كما نص القانون على أنه «يعتبر مزاولة لمهنة الصيدلة في حكم هذا القانون تجهيز أو تركيب أو تجزئة أي دواء أو عقار أو نبات طبي أو مادة صيدلية تستعمل من الباطن أو الظاهر أو بطريق الحقن لوقاية الإنسان أو الحيوان من الأمراض أو علاجه منها أو توصف بأن لها هذه المزايا».
وأضاف «سعودى» أنه يتم التعامل مع الأدوية فى العيادة على أساس أنها «تجارة»، لا كعقار يوصف للعلاج من الأمراض والأوبئة، موضحًا أن هناك غيابًا للدور الرقابي، وأن إدارة العلاج الحر فى وزارة الصحة عليها التصدي لهذه المخالفات، بوصفها المختصة بذلك.
وأوضح أن للأدوية تصنيفات ثلاثة: إما أن تكون مسجلة فى وزارة الصحة، أو مهربة، وفى تلك الحالة يتم التعامل معها على أنها مغشوشة، لعدم معرفة كيفية دخولها البلاد ولا نسبة المادة الفعالة بها ولا طريقة حفظها، أما التصنيف الأخير فهو أن تكون الأدوية مغشوشة من البداية، ومعلوم أنها مغشوشة فى المادة المصنوعة منها وخلوها من المادة الفعالة من الأساس.
وتابع وكيل نقابة الصيادلة: أطالب بتعميم استخدام الإنترنت فى جميع الصيادليات، لأن اكتشاف الدواء المغشوش يكون بالصدفة عن طريق وصول المعلومة أن التركيبة التى يصنع منها الدواء غير سليمة، ومن ثم عندما تدرك الوزارة وتتوجه الحملة لجمع الدواء، يكون قد تم بيع الكمية المغشوشة، وبالتالى يجب النظر فى الموضوع ووضع حلول له عن طريق زيادة الرقابة على الأدوية.
وأشار الدكتور أحمد عبيد، أمين عام نقابة الصيادلة، إلى أن التصريح للطبيب ببيع الأدوية فى عيادته الخاصة كان يتم وفق قرار قديم جدًّا منذ 50 عامًا تقريبًا، وكان ذلك بسبب عدم وجود صيدليات بالشكل الكافى، أما الآن فيوجد تقريبًا 63 ألف صيدلية منتشرة بجميع المحافظات، وبيع الأطباء للأدوية فى العيادات الخاصة يعد مخالفة للقانون وتعديًا على حقوق الصيادلة.
وتعليقًا على هذه الاتهامات قال الدكتور صابر غنيم، رئيس القطاع الحر بوزارة الصحة، إن بيع الأدوية والعقاقير ممنوع فى العيادات الخاصة، وهناك حملات تابعة للوزارة مهمتها مداهمة عيادات الأطباء التى يرد لإدارة العلاج الحر ما يفيد أنها تمارس بيع الأدوية، ويتم اتخاذ اللازم ضد الطبيب صاحب العيادة.