الأن وقد أدركه الغرق بعد أن أمضى عن انقلابه أكثر من 9 أشهر ظهر علينا ’’المشير‘‘ يبحث عن مخرج آمن للازمة الطاحنة والوضع المتردي الذي بات يهدد الاستقرار في مصر فلم يجد في عرض البحر المتلاطم الأمواج منقذا له من المأزق غير أن يمد يده إلى جماعة الإخوان المسلمين لعقد تصالح معهم ليستكمل بقية أحلامه بالجلوس على كرسي الرئاسة التي اقترب منها قوسين أو أدنى ولم ينغص عليه غير الحشود الهائلة التي تتحرك كل يوم ضده في الشارع المصري ولم تعبأ بقنابل الغاز أو الرصاص الحي !
المشير يعلم أن حراك الشارع في ازدياد مستمر وقد تعدى جماعة الإخوان المسلمين بعدما أباد الآلاف منهم في مذبحتي رابعة والنهضة والقي القبض على مشايخهم وقادتهم والقي بهم في غياهب السجون وصدر بحقهم أحكاما سياسية دخل بها التاريخ من أوسع أبوابه حين صدر حكما بإعدام 529 رافضا للانقلاب بتهمة قتل ضابط وإن كان لا يعلم بأن من هم بالشارع الأن ليس لهم علاقة بالإخوان المسلمين فهذه مصيبة كبرى وهو أن يحكم بلدا وقد فقد حاسة التمييز بين الإخوان وبين الرافضين لحكم العسكري وانقلابه على شرعية رئيس جاء عبر الصناديق هذا ماينغص عليه حلمه أن يصبح رئيسا ولم يشأ أن يتربع على الكرسي بعد أن يخرج عليه طوفان داعمي شرعية مرسي وأهالي الشهداء والمعتقلين والجياع !
ومن فطنة مستشاريه و’’هيكله المزعوم‘‘ أن يغازل جماعة الإخوان المسلمين بنيته في التصالح للخروج من الأزمة التي لو استمرت بعد تقليده الحكم لخرج من التاريخ -كما دخل- من أوسع أبوابه وقد أوفد الانقلاب بعثته لقطر وتركيا لبحث المصالحة الشاملة مع الإخوان من خلال عقد لقاءات مع قيادات اخوانية بالدولتين بوساطة مسئولين أتراك وقطريين وعرض بنود المصالحة التي ضمنت للإخوان المسلمين الإفراج عن جميع المعتقلين بعد إنقلابة في 30 يونيو وإعادة أموال ومؤسسات الإخوان وتعويض أهالي شهداء ومصابي رابعة والنهضة وميادين مصر خلال أحداث الفض الدموي بالتعويض المناسب وإشراك في الحكم بما لايقل عن 30% من المناصب في الوزارات بالإضافة إلى منحهم حرية الدعوة والعمل السياسي وذلك مقابل ضمان وقف الاحتجاجات والتظاهرات ضد السيسي ليستطيع أن ينعم بالحكم !
المبادرة لم تكن الأولى من نوعها فقد سبقها التمهيد بمصالحة الأمارات والسعودية مع قطر التي صبت في نفس السياق لتهدئة الأجواء الملتهبة في المنطقة وأظهر السيسي نيته بالتصالح من خلال حواره مع الصحفي جهاد الخازن رئيس تحرير صحيفة ’’الحياة‘‘ السابق الذي قال أن المرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي رحب بعودة الإخوان مؤكداً.. "أهلاً بهم كجزء من مقومات البلد الأساسية، ولكن فقط ينبذون العنف" وقد جاء ذلك خلال لقاء جمع السيسي والخازن منذ أسبوع ولكن أضاف الصحفي اللبناني أن السيسي سيلاقى صعوبات كبيرة في الحكم حال وصوله للرئاسة !
وبعد فهل يقبل الإخوان المسلمين مبادرة السيسي ليحكم مصر وتتوقف التظاهرات والاحتجاجات أم أن وقت المفاوضات قد تأخر ، هذا ماستكشف عنه الأيام المقبلة وإن كانت الرؤية ضبابية يعلوها قتامة بعدما أصبح في كل بيت شهيد أو مصاب أو معتقل رهن التعذيب الوحشي من أحداث الانقلاب وبشاعة فض مذابح رابعة والنهضة ورمسيس الذي نجم عنهم جرحا غائرا في صدر كل مصري خرج يدافع عن استحقاقاته وصوته الانتخابي فكان جزاؤه رصاصة من قناص ليسكت صوته وترتقي روحه ويصاب ويترك خلفه لوعة الأهل في انتظار إما ’’قصاص‘‘ الأرض أو ’’عدالة‘‘ السماء !