أهم الأخبار : :

جمال سلطان : صباحي يصطدم مبكرا بطموحات السيسي

Unknown الخميس، 30 يناير 2014 | 1:09 م

الحدث اللافت اليوم في تقديري هو صدور بيان التحالف الشعبي المصري الذي يقوده المرشح الرئاسي السابق والمحتمل أيضا حمدين صباحي ، والذي ندد فيه باجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة للنظر في موضوع ترشح المشير عبد الفتاح السيسي لرئاسة الجمهورية ، بيان التحالف الشعبي مفاجئ وخطير ، خاصة وأنه ابتعد عن لغة الديبلوماسية وكان واضحا في إدانة المجلس العسكري والتحذير من توريط الجيش في السياسية ، ولتأمل أهم ما جاء في البيان أنقل فقرات كاملة من نصه ، حيث يقول (استقبل التيار الشعبى المصرى بدهشة البيان الذى أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة الاثنين الماضى نظرا لما يتضمنه من تدخل واضح فى الانتخابات الرئاسية المقبلة وترتيبات السلطة القادمة فى مصر، وهو ما يتنافى مع الدستور والأعراف الديمقراطية والتقاليد السياسية التى يجب على كل الأطراف السعى لإرسائها) ، وهنا اتهام واضح للمجلس العسكري بالاعتداء على الدستور والتلاعب بالانتخابات الرئاسية المنتظرة ، ثم يضيف البيان قوله :(ويعرب التيار الشعبى عن قلقه، من المصادرة على منصب رئيس الجمهورية، ووأد روح المنافسة السياسية الحقيقية وتكافؤ الفرص وحق الشعب فى اختيار رئيسه، بعد ثورتين عظيمتين، أسقط فيهما رئيسين، ويكمل بعدهما طريقه نحو المستقبل) وهو هنا يتهم المجلس العسكري بالمصادرة على منصب الرئيس أي سرقة منصب الرئيس بلغة السياسة ، ثم يختم البيان بالقول : (وقد تفاجأ التيار الشعبى كغيره من القوى الوطنية بأن اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة لم يقطع مطلقًا بأمر استقالة وزير الدفاع، وعليه فإننا نعتبر أن بيان القوات المسلحة لم يكن له أى داع ولا مبرر من الأساس. إن التيار الشعبى كثيرا ما حذر من خطورة إقحام الجيش الوطني، فى الأمور السياسية أو تدخله فيها، وكان موقفه فى ذلك بالغ الوضوح، من منطلق الحرص على الجيش، ومكانته العظيمة لدى المصريين، خاصة بعد انحيازه للإرادة الشعبية فى 25 يناير و30 يونيو) وهو ما يعني انضمام التيار الشعبي إلى المطالب الإسلامية والثورية بضرورة خروج الجيش من المشهد السياسي وأن يحتفظ بمسافة واحدة من الجميع . هذا البيان في تقديري إعلان رسمي لنهاية الشراكة التي قادت مظاهرات 30 يونيو التي انتهت بالإطاحة بحكم الرئيس السابق محمد مرسي ، هذا التحالف كان يعتمد على جناحين ، كل ما عداهما فرع أو هامش ، جناح القوى الليبرالية بأحزابها وائتلافاتها برمزية الدكتور محمد البرادعي ، ورمزية اليسار والناصريين وائتلافاتهم التي يمثلها حمدين صباحي ، وقد ابتعد البرادعي مبكرا عندما وجد البعض في المؤسسة العسكرية يقرر خيار الدم في مواجهة المعارضة في رابعة العدوية وما سبقها وما تلاها ، وأعلنت عليه الحرب الضروس وقتها والاتهامات بالخيانة وضرب الوطن في ظهره ، واليوم يخرج حمدين صباحي رسميا من هذا التحالف ، والبيان لا يحتمل وجهة نظر أخرى ، ومعلوماتي أن التحالف الشعبي يشهد حوارات ساخنة ومتوترة جدا هذه الأيام حول هذا الموضوع ، وهناك انقسام داخل التيار الناصري ، بين من يريدون دعم السيسي للرئاسة باعتباره إحياء لحلم عبد الناصر ، ومعظم هذا الفريق من الشيوخ والحرس القديم ، وبين من يرون الدفع بالسيسي من خلال المؤسسة العسكرية يمثل سرقة للثورة وانحرافا لها عن مسارها بعد كل هذه التضحيات ، ومعظم الشباب والجيل الثوري الجديد في التيار يميل إلى هذه الوجهة ، وهذا ما يعطي حمدين قوة دفع وأمل ، لأن حركة الشارع يصنعها الشباب ، أما العجائز فهم جزء من الديكور الإعلامي والمجالس المخملية في الفضائيات ولا يملكون قدرة على التواجد كقوة ثورية في الواقع . سواء اختلفنا أو اتفقنا مع حمدين في بعض المواقف السابقة ، إلا أنه من حق حمدين صباحي أن يترشح للرئاسة ، ومن حقه أن يدافع عن العدالة في هذا السباق ، ومن حقه أن يندد بموقف المجلس العسكري لأنه محق في ذلك ، ولا يصح سياسة ولا دستورا ولا عرفا ولا ثورية أن يعلن الجيش انحيازه لمرشح ، كما أن المسألة المفروغ منها ، بدون لف أو دوران ، أن ترشح الفريق السيسي يحرج كل من كانوا معه في 30 يونيو ، لأنه يعطي الرسالة للخارج والداخل بأن ما حدث كان انقلابا عسكريا أطاح فيه الجنرال بالرئيس المنتخب من أجل أن يجلس مكانه ، والمؤكد أن الأجهزة وأذرعها جاهزة الآن لفتح صنبور الشتائم والتشويه لحمدين صباحي من أجل إجباره على الصمت أو الابتعاد ، غير أن هذا الأسلوب الكلاسيكي القديم في أدبيات أجهزة المخابرات لن يكون مثمرا كثيرا في بلد ما زالت تشهد حراكا ثوريا ، وأيضا سيكون من الصعب أن تفتح هذا "الصنبور" دفعة واحدة على خمسة أو ستة رموز تقترب من الترشح ولن تسلم بسهولة للجيش أو الفريق السيسي ، وعلى رأسها الفريق سامي عنان والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وخالد علي ، والمشكلة أن المؤسسة لا تملك القدرة على المرونة السياسية التي تجعلها تتعامل مع حقيقة أن مصر اختلفت بعد ثورة يناير والتاريخ اختلف والعالم اختلف والسياق الاجتماعي والسياسي في المنطقة العربية اختلف ، وأن غياب الوعي بتلك الحقائق والإصرار على تصورات عتيقة وبالية بالقدرة على هندسة الدولة والمجتمع بقرارات وخطط مسبقة يمكن أن يتسبب في تفجير الوطن ، بكل ما يحمله هذا التعبير من معنى .