تبارى النشطاء المصريون على مواقع التواصل الاجتماعي "تويتر"و"الفيس بوك" وحتى على "اليوتيوب" بإنتاج مقاطع فيديو في السخرية من الدعوة للاستفتاء
على التعديلات الدستورية الجديدة التي انتهت منها "لجنة الخمسين" المعينة من سلطة الانقلابيين , ومن دعوة "المؤقت" عدلي منصور المصرين للاستفتاء يومي 14و15يناير ,وجادت قريحة المصريين بالتعبيرات الساخرة مما حدث بعد 3يوليو والانقلاب على الشرعية , واختطاف الرئيس المنتخب وتنصيب "مؤقت", وتشكيل لجنة تعديل الدستور وما ضمته من أعضاء أبرزهم "بانجو"و"كونياك"و"شنبو في المصيدة"نسبة إلى فيلم فؤاد المهندس الذي لعب فيه أحد البارزين في لجنة الخمسين دورا تمثيليا , إضافة إلى المهازل التي تسربت بالصوت والصورة للفنانين والفنانات دخل اللجنة ,من مهازل وجهل وسطحية في المداخلات والتعليقات .
وقد سخر الشاعر عبد الرحمن يوسف من دستور الانقلابيين ووصفه ب" العنصري " لأنه يحوِّل الغالبية الساحقة من المصريين -خدما أو ضيوفا – على أقل تقدير – عند أصحاب الوطن الحقيقيين " العسكر ", وقال : "إنه دستور السادة والعبيد, ووصف أعضاء الخمسين بـ " المعجزة ",وأضاف "الدستور سيتم تزويره وسيستعان بخالد يوسف لتصوير الأعداد على شاكلته"
بينما سخر أستاذ العلوم السياسية الدكتور سيف الدين عبد الفتاح من مسودة التعديلات الدستورية وتحديدا المادة التي تتحدث عن عدم جواز عزل أي رئيس مهما كان عدد المظاهرات التي خرجت ضده . وقال "من عجائب الانقلابيين أنهم تظاهروا بالأمس لإسقاط الرئيس المنتخب من أجل كتابة دستور أحد مقترحات مواده تمنع إسقاط الرئيس بالتظاهر".
ولم يتوقف الأمر عند سخرية المصريين من الدستور, بل سخرت صحيفة "تليجراف" البريطانية من ملصق إعلان دستور الانقلاب الذي يقول أنه دستور كل المصريين بينما يعرض صورا لشخصيات أجنبية مشيرة إلى عدة أخطاء احتوى عليها الملصق بجانب الأخطاء الإملائية والاستعانة بصور شخصيات غربية,وأوضحت"تليجراف" أن هذا الملصق الذي يفترض استخدامه للترويج للاستفتاء على دستور لجنة الخمسين لا يحتوي على أي صورة للمرأة محجبة على الرغم من أن الغالبية العظمى من المصريات محجبات ,كما لم يشر الملصق إلى الملتحيين أو السلفيين على الرغم من دعم بعضهم للدستور في إشارة إلى حزب النور!!فثلاثة أشخاص من أصل خمسة على الملصق ليسوا مصريين ولا يحملون الملامح المصرية على الإطلاق .
دستور "سلة المهملات"
وبغض النظر عن الجدال الواسع حول الدستور المشوه من قبل العسكر وغلاة العلمانيين , فان السؤال الملح الذي يطرحه قطاع كبير من المصريين هو "من يحترم الدستور أصلا استفتي عليه أو لم يستفت عليه؟ هل احترم وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي الدستور ؟ بل هل احترم عبد الناصر والسادات ومبارك الدساتير التي وضعوها او تعديلاتها حتى يحترم الدستور الذي سيتم الاستفتاء عليه في 14و15 يناير2014؟
الواقع يقول أن الحكام المصريين لم يحترموا أي دستور بدءا من دستور 1879م ودستور الخديوي توفيق 1882م أو حتى دستور 1923م الذي يتغنى به المصريون لما فيه من بنود للحقوق والحريات؟ والذي أوقف العمل به عام 1930ليتم وضع دستور جديد لم يستمر سوى 5سنوات ليعاد العمل بدستور 1923م حتى انقلاب يوليو 1952 وتشكيل لجنة الخمسين عام 1953م لوضع دستور جديد برئاسة أحمد ماهر , وقدمته لمجلس قيادة الثورة عام 1954م الذي أهمله وألقاه في سلة مهملات وعثر عليه الكاتب صلاح عيسى بمعاونة المستشار طارق البشري والدكتور أحمد يوسف أحمد عميد المعهد العالي للدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية في صندوق مهملات بمخزن مكتبة المعهد., وقام صلاح عيسى بنشره في كتاب "دستور في صندوق القمامة".
فالدساتير التي وضعت في عهود الحكم العسكري الثلاثة وتعديلاتها لم تحترم انتهاء بدستور 1971م في عهد السادات والتعديلات عليه في أعوام 1980و2005و2007, بل كانت كلمة "نعم" هي المقررة في نتائج 17 استفتاء منذ عام 1954 فلن يكون الاستفتاء على دستور وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي سوى نسخة مكررة من استفتاءات عبد الناصر والسادات ومبارك, ولم يسجل أن خرجت كلمة "لا" على أي استفتاء على الدساتير المصرية أو تعديلاتها .
بروفة مكررة لتجربة مرة
تمرير "دستور الانقلاب" لن يكون حدثا , بل هو تمثيلية مكررة لتجربة مرة وسيئة يعرفها جميع المصريين ,منذ بداية انقلاب الجيش في 1952 , وقفز العسكر على السلطة , واستيلائهم على مقاليد السلطة , و"عسكرة الدولة" والتحكم في مفاصلها ومرافقها الحيوية , وأيضا تاريخ الاستفتاءات العسكرية الأسوأ الذي بدأ في يونيو 1956 , عندما بدأ بدعوة "مجلس قيادة الثورة" الشعب إلي الاستفتاء حول الدستور وانتخاب جمال عبد الناصر رئيسا للجمهورية خلفا للمعزول محمد نجيب , وكانت نتيجة الاستفتاء رغم شعبية 99,99 % , التي صارت "صك لكل استفتاء", وأصبحت مدعاة للسخرية من المصريين , الذين لا يذهبوا إلى الصناديق , ولا يعرفون شيئا عن مقرات لجان الاستفتاء , وتسود البطاقات لهم من قبل موظفي الإدارات الحكومية والمحليات والموظفين الذين يستدعون لانجاز المهمة , تحت رقابة وسمع وبصر الأجهزة الأمنية , بل كان يتبارى رؤساء اللجان على إعلان نتائج 100% بالموافقة , المهم يتقاضون بدل طبيعة العمل والانتدابات والإضافي ,
فتكررت التجربة في استفتاء مارس 1965 وإعادة انتخاب جمال عبد الناصر وكانت نتيجته الموافقة 99,999 % ,وفي عام 1968 طرح جمال عبد الناصر بيان 30 مارس أمام الشعب للاستفتاء ولكن انخفضت النتيجة الى 90,04 % بعد موجة السخرية والنكات التي طالت النظام كله بما فيه رأسه عقب نكبة 1967م , وضاق بها ذراعا عبد الناصر وحاشيته , واندلاع تظاهرات الطلاب الغاضبة .
ورحل "عبد الناصر" وجاء الاستفتاء على خليفته أنور السادات في أكتوبر 1970لرئاسة الجمهورية وكانت نتيجته 90,04 % - صورة طبق الأصل - من آخر استفتاء في عهد عبد الناصر , بنفس النتيجة .
ولكن "ميكنة" تزوير الاستفتاءات بدأت تعود إلى المربع رقم واحد ونتيجة الثلاث تسعات ,ففي سبتمبر1971 , كان الاستفتاء حول اتحاد الجمهوريات العربية وجاءت نتيجته 99,99 % , وتكرر الأمر في11 سبتمبر من العام نفسه , كان الاستفتاء علي دستور 1971 و النتيجة -معروفة سلفا- 99,98 % , وتستمر مهزلة ال99.9% ففي شهر مايو 1974 , تمت دعوة الناخبين إلي الاستفتاء حول ورقة أكتوبر وكانت نتيجته 99,95 % .,وفي سبتمبر 1976 , كان الاستفتاء حول إعادة انتخاب الرئيس السادات وأعلنت نتيجته 99,93 % ,وبعدها بشهور قليلة دعوة الناخبين للاستفتاء حول قانون حماية الوحدة الوطنية في فبراير 1977 وكانت نتيجته 99,42 % ,وفي مايو 1978 , الاستفتاء حول قانون حماية الجبهة الداخلية وأعلنت نتيجته 99,49 % ,وفي أبريل 1979 , دعوة الشعب للاستفتاء علي معاهدة السلام مع إسرائيل وكانت النتيجة المعلنة 99,90 % ,وفي مايو 1980 ,دعوة الناخبين للاستفتاء حول تعديل الدستور , والنتيجة 98,96 % ,وعلي مبادئ الوحدة الوطنية دعي الناخبون للاستفتاء في سبتمبر 1981 وأعلنت النتيجة 99,45 % .
وتنتهي تجربة العسكر الثانية بمقتل الرئيس السادات , وتبدا مرحلة ثالثة من "حكم العسكر"بالاستفتاء على رئاسة نائبه حسني مبارك ليتولى السلطة عبر استفتاء في أكتوبر1981م وتاتي النتيجة ب 98,46 % , وتستمر مهزلة الاستفتاءات ونتائجها المضحكة بالاستفتاء الثاني علي رئاسة مبارك في 15 أكتوبر1987, والنتيجة بالموافقة 96 %, وفي عام 1987 اجري أول استفتاء علي حل مجلس الشعب وكانت النتيجة 88,9 % , ثم الاستفتاء الثاني علي حل مجلس الشعب في 11 أكتوبر عام 1990 بعد أن أصدر مبارك قراره الجمهوري بإيقاف جلساته اعتبارا من 1990/9/27 تنفيذا لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في 19 مايو عام 1990 والذي قضي بعدم دستورية المادة الخامسة مكرر من القانون رقم 38 لسنة 1972 بشأن مجلس الشعب والنتيجة بالموافقة بنسبة 94,34 % .
وتستمر مهزلة الاستفتاءات المزورة والتي أدمنها نظام مبارك وورثها عن عبد الناصر والسادات , ففي أكتوبر 1993 , تم الاستفتاء علي الرئاسة الثالثة لمبارك وكانت النتيجة 96,28 % ,وبعدها بست سنوات وتحديدا في 16 سبتمبر عام 1999 , الاستفتاء الرابع علي مدة رئاسة جديدة لمبارك والنتيجة 96 % .
وبعد ضغوط الشارع المصري وتنامي حركة المعارضة ضد التمديد والتوريث ,لعب "ترزية" الانتخابات لعبة جديدة بتعديل الدستور فتم الاستفتاء علي تعديل المادة(77) من الدستور في 25 مايو 2005 ، وجاءت الموافقة عليها ب 83 % ,ليتراجع التزوير عن ال99.9% ويكتفي ب83%,ثم مهزلة ما سمي بانتخابات الرئاسة وتعدد المرشحين الأمر الذي رضخ له مبارك بعد ضغوط الخارج والداخل , وقد وجد فيها النظام فرصة لتمرير "التوريث"عبر ديكور من المرشحين المنافسين , وهو ضامن النتيجة بسهولة , فجاءت انتخابات الرئاسة في سبتمبر 2005 و فاز فيها مبارك بنسبة 88.4 % , وكانت المهزلة مابعد الانتخابات حيث أراد "مبارك" التخلص من مرشحين تجرؤوا على منافسته , فلفقت القضايا للمرشح المنافس لمبارك وتم تجريده من صفته النيابية كعضو مجلس شعب ومن حصانته وسجنه , وتدبير انقلاب داخل حزب الوفد للتخلص من الدكتور نعمان جمعه المنافس الثاني ,وفى 26 مارس 2007 ، أُجرى استفتاء على تعديلات ل 34 ماده وتمت الموافقة عليها كالمعتاد بنسبة بلغت 75.9 % .
وقامت الثورة في 25 يناير 2011 في محاولة من الشعب لإنهاء عقود من الظلم و القهر و الاستعباد و الاستعباط و الاستبداد تم فيها استغفاله و نهب ثرواته و التلاعب بأصواته و تزييف إرادته ,وأجريت لأول مرة استفتاءات وانتخابات حرة ونزيهة كان آخرها انتخاب أول رئيس مدني عبر الانتخاب الحر المباشر بنتيجة 51.8% بفارق مليون صوت فقط عن منافسه الذي تخندقت خلفه الثورة المضادة والدولة العميقة ضدر مرشح الثورة الدكتور محمد مرسي , وكان الاستفتاء على دستور 2013م بموافقة 64% من الناخبين مقابل 36%.
و كانت أساليب النظام الديكتاتوري في التزوير و التلاعب في الصناديق محل تطوير مستمر متماشياً مع نمو وعي المواطنين فانتقل من صورية العملية التصويتيه وعدم ارتباطها بأي شكل من الأشكال بالنتائج التي وصلت ل 99.99 % في بداية الأمر انتقل منها إلى تسويد الكشوف و التصويت نيابة عن الناس ثم التصويت نيابة عن الأموات ثم شراء الأصوات و ما يعرف بالبطاقة الدوارة وصولاً إلى التلاعب في النتائج النهائية حتى بعد إعلانها في لجان الانتخابات و نشرها في نشرات الأخبار ليقلب الخاسر من رجال النظام إلى كسبان بكل وقاحة و استهزاء بالناس !!
وبعد انقلاب 3يوليو وإطاحة العسكر والتحالف العلماني الكنسي , بغطاء من حزب النور -الذي لعب دور المحلل- وقيادة الأزهر الأسيرة لنظام مبارك ولجنة السياسات ,تم تشكل ما سمي ب"لجنة الخمسين"لتعديل الدستور المستفتى عليه من الشعب ,وتنتهي من عملها في سرية تامة ,حصنت فيها "العسكر" الانقلابيين , ومن ثم المؤكد أن تمارس عملية تسويد للبطاقات وتقفيل للجان ولتزوير نتائج الاستفتاء .
فمن انقلب على الشرعية , ولم يحترم لا دستور ولا قانون ولا انتخابات حرة , وقتل الآلاف في الشوارع وارتكب المجازر , وأعاد زوار الفجر وقبض على الآلاف واختطف رئيسا منتخبا ,لن يصعب عليه التزوير والتسويد وتقفيل اللجان ,لتمرير دستور جاء على أشلاء ودماء وقتلى وجرحى ودمار لمؤسسات الدولة , وسلطة بوليسية قمعية , ونسي هؤلاء أو تناسوا أن مثل هذه الدساتير تولد ميتة , فهل احترم عبد الناصر او السادات او مبارك دساتير؟ بل هل احترم الانقلابيين دستور الشعب حتى يضعوا دستور ويدعوا المصريين للاستفتاء عليه؟
أن الأمر واضح وجلي أن تزوير استفتاء الدستور قائم ولا محالة وإلا إذا رفض هذا الدستور يعني نهاية الانقلاب ومحاكمة السيسي وعودة الشرعية الدستورية وهذا لا يقبله العسكر ولا السيسي ولا بقاياالفلول ؟
على التعديلات الدستورية الجديدة التي انتهت منها "لجنة الخمسين" المعينة من سلطة الانقلابيين , ومن دعوة "المؤقت" عدلي منصور المصرين للاستفتاء يومي 14و15يناير ,وجادت قريحة المصريين بالتعبيرات الساخرة مما حدث بعد 3يوليو والانقلاب على الشرعية , واختطاف الرئيس المنتخب وتنصيب "مؤقت", وتشكيل لجنة تعديل الدستور وما ضمته من أعضاء أبرزهم "بانجو"و"كونياك"و"شنبو في المصيدة"نسبة إلى فيلم فؤاد المهندس الذي لعب فيه أحد البارزين في لجنة الخمسين دورا تمثيليا , إضافة إلى المهازل التي تسربت بالصوت والصورة للفنانين والفنانات دخل اللجنة ,من مهازل وجهل وسطحية في المداخلات والتعليقات .
وقد سخر الشاعر عبد الرحمن يوسف من دستور الانقلابيين ووصفه ب" العنصري " لأنه يحوِّل الغالبية الساحقة من المصريين -خدما أو ضيوفا – على أقل تقدير – عند أصحاب الوطن الحقيقيين " العسكر ", وقال : "إنه دستور السادة والعبيد, ووصف أعضاء الخمسين بـ " المعجزة ",وأضاف "الدستور سيتم تزويره وسيستعان بخالد يوسف لتصوير الأعداد على شاكلته"
بينما سخر أستاذ العلوم السياسية الدكتور سيف الدين عبد الفتاح من مسودة التعديلات الدستورية وتحديدا المادة التي تتحدث عن عدم جواز عزل أي رئيس مهما كان عدد المظاهرات التي خرجت ضده . وقال "من عجائب الانقلابيين أنهم تظاهروا بالأمس لإسقاط الرئيس المنتخب من أجل كتابة دستور أحد مقترحات مواده تمنع إسقاط الرئيس بالتظاهر".
ولم يتوقف الأمر عند سخرية المصريين من الدستور, بل سخرت صحيفة "تليجراف" البريطانية من ملصق إعلان دستور الانقلاب الذي يقول أنه دستور كل المصريين بينما يعرض صورا لشخصيات أجنبية مشيرة إلى عدة أخطاء احتوى عليها الملصق بجانب الأخطاء الإملائية والاستعانة بصور شخصيات غربية,وأوضحت"تليجراف" أن هذا الملصق الذي يفترض استخدامه للترويج للاستفتاء على دستور لجنة الخمسين لا يحتوي على أي صورة للمرأة محجبة على الرغم من أن الغالبية العظمى من المصريات محجبات ,كما لم يشر الملصق إلى الملتحيين أو السلفيين على الرغم من دعم بعضهم للدستور في إشارة إلى حزب النور!!فثلاثة أشخاص من أصل خمسة على الملصق ليسوا مصريين ولا يحملون الملامح المصرية على الإطلاق .
دستور "سلة المهملات"
وبغض النظر عن الجدال الواسع حول الدستور المشوه من قبل العسكر وغلاة العلمانيين , فان السؤال الملح الذي يطرحه قطاع كبير من المصريين هو "من يحترم الدستور أصلا استفتي عليه أو لم يستفت عليه؟ هل احترم وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي الدستور ؟ بل هل احترم عبد الناصر والسادات ومبارك الدساتير التي وضعوها او تعديلاتها حتى يحترم الدستور الذي سيتم الاستفتاء عليه في 14و15 يناير2014؟
الواقع يقول أن الحكام المصريين لم يحترموا أي دستور بدءا من دستور 1879م ودستور الخديوي توفيق 1882م أو حتى دستور 1923م الذي يتغنى به المصريون لما فيه من بنود للحقوق والحريات؟ والذي أوقف العمل به عام 1930ليتم وضع دستور جديد لم يستمر سوى 5سنوات ليعاد العمل بدستور 1923م حتى انقلاب يوليو 1952 وتشكيل لجنة الخمسين عام 1953م لوضع دستور جديد برئاسة أحمد ماهر , وقدمته لمجلس قيادة الثورة عام 1954م الذي أهمله وألقاه في سلة مهملات وعثر عليه الكاتب صلاح عيسى بمعاونة المستشار طارق البشري والدكتور أحمد يوسف أحمد عميد المعهد العالي للدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية في صندوق مهملات بمخزن مكتبة المعهد., وقام صلاح عيسى بنشره في كتاب "دستور في صندوق القمامة".
فالدساتير التي وضعت في عهود الحكم العسكري الثلاثة وتعديلاتها لم تحترم انتهاء بدستور 1971م في عهد السادات والتعديلات عليه في أعوام 1980و2005و2007, بل كانت كلمة "نعم" هي المقررة في نتائج 17 استفتاء منذ عام 1954 فلن يكون الاستفتاء على دستور وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي سوى نسخة مكررة من استفتاءات عبد الناصر والسادات ومبارك, ولم يسجل أن خرجت كلمة "لا" على أي استفتاء على الدساتير المصرية أو تعديلاتها .
بروفة مكررة لتجربة مرة
تمرير "دستور الانقلاب" لن يكون حدثا , بل هو تمثيلية مكررة لتجربة مرة وسيئة يعرفها جميع المصريين ,منذ بداية انقلاب الجيش في 1952 , وقفز العسكر على السلطة , واستيلائهم على مقاليد السلطة , و"عسكرة الدولة" والتحكم في مفاصلها ومرافقها الحيوية , وأيضا تاريخ الاستفتاءات العسكرية الأسوأ الذي بدأ في يونيو 1956 , عندما بدأ بدعوة "مجلس قيادة الثورة" الشعب إلي الاستفتاء حول الدستور وانتخاب جمال عبد الناصر رئيسا للجمهورية خلفا للمعزول محمد نجيب , وكانت نتيجة الاستفتاء رغم شعبية 99,99 % , التي صارت "صك لكل استفتاء", وأصبحت مدعاة للسخرية من المصريين , الذين لا يذهبوا إلى الصناديق , ولا يعرفون شيئا عن مقرات لجان الاستفتاء , وتسود البطاقات لهم من قبل موظفي الإدارات الحكومية والمحليات والموظفين الذين يستدعون لانجاز المهمة , تحت رقابة وسمع وبصر الأجهزة الأمنية , بل كان يتبارى رؤساء اللجان على إعلان نتائج 100% بالموافقة , المهم يتقاضون بدل طبيعة العمل والانتدابات والإضافي ,
فتكررت التجربة في استفتاء مارس 1965 وإعادة انتخاب جمال عبد الناصر وكانت نتيجته الموافقة 99,999 % ,وفي عام 1968 طرح جمال عبد الناصر بيان 30 مارس أمام الشعب للاستفتاء ولكن انخفضت النتيجة الى 90,04 % بعد موجة السخرية والنكات التي طالت النظام كله بما فيه رأسه عقب نكبة 1967م , وضاق بها ذراعا عبد الناصر وحاشيته , واندلاع تظاهرات الطلاب الغاضبة .
ورحل "عبد الناصر" وجاء الاستفتاء على خليفته أنور السادات في أكتوبر 1970لرئاسة الجمهورية وكانت نتيجته 90,04 % - صورة طبق الأصل - من آخر استفتاء في عهد عبد الناصر , بنفس النتيجة .
ولكن "ميكنة" تزوير الاستفتاءات بدأت تعود إلى المربع رقم واحد ونتيجة الثلاث تسعات ,ففي سبتمبر1971 , كان الاستفتاء حول اتحاد الجمهوريات العربية وجاءت نتيجته 99,99 % , وتكرر الأمر في11 سبتمبر من العام نفسه , كان الاستفتاء علي دستور 1971 و النتيجة -معروفة سلفا- 99,98 % , وتستمر مهزلة ال99.9% ففي شهر مايو 1974 , تمت دعوة الناخبين إلي الاستفتاء حول ورقة أكتوبر وكانت نتيجته 99,95 % .,وفي سبتمبر 1976 , كان الاستفتاء حول إعادة انتخاب الرئيس السادات وأعلنت نتيجته 99,93 % ,وبعدها بشهور قليلة دعوة الناخبين للاستفتاء حول قانون حماية الوحدة الوطنية في فبراير 1977 وكانت نتيجته 99,42 % ,وفي مايو 1978 , الاستفتاء حول قانون حماية الجبهة الداخلية وأعلنت نتيجته 99,49 % ,وفي أبريل 1979 , دعوة الشعب للاستفتاء علي معاهدة السلام مع إسرائيل وكانت النتيجة المعلنة 99,90 % ,وفي مايو 1980 ,دعوة الناخبين للاستفتاء حول تعديل الدستور , والنتيجة 98,96 % ,وعلي مبادئ الوحدة الوطنية دعي الناخبون للاستفتاء في سبتمبر 1981 وأعلنت النتيجة 99,45 % .
وتنتهي تجربة العسكر الثانية بمقتل الرئيس السادات , وتبدا مرحلة ثالثة من "حكم العسكر"بالاستفتاء على رئاسة نائبه حسني مبارك ليتولى السلطة عبر استفتاء في أكتوبر1981م وتاتي النتيجة ب 98,46 % , وتستمر مهزلة الاستفتاءات ونتائجها المضحكة بالاستفتاء الثاني علي رئاسة مبارك في 15 أكتوبر1987, والنتيجة بالموافقة 96 %, وفي عام 1987 اجري أول استفتاء علي حل مجلس الشعب وكانت النتيجة 88,9 % , ثم الاستفتاء الثاني علي حل مجلس الشعب في 11 أكتوبر عام 1990 بعد أن أصدر مبارك قراره الجمهوري بإيقاف جلساته اعتبارا من 1990/9/27 تنفيذا لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في 19 مايو عام 1990 والذي قضي بعدم دستورية المادة الخامسة مكرر من القانون رقم 38 لسنة 1972 بشأن مجلس الشعب والنتيجة بالموافقة بنسبة 94,34 % .
وتستمر مهزلة الاستفتاءات المزورة والتي أدمنها نظام مبارك وورثها عن عبد الناصر والسادات , ففي أكتوبر 1993 , تم الاستفتاء علي الرئاسة الثالثة لمبارك وكانت النتيجة 96,28 % ,وبعدها بست سنوات وتحديدا في 16 سبتمبر عام 1999 , الاستفتاء الرابع علي مدة رئاسة جديدة لمبارك والنتيجة 96 % .
وبعد ضغوط الشارع المصري وتنامي حركة المعارضة ضد التمديد والتوريث ,لعب "ترزية" الانتخابات لعبة جديدة بتعديل الدستور فتم الاستفتاء علي تعديل المادة(77) من الدستور في 25 مايو 2005 ، وجاءت الموافقة عليها ب 83 % ,ليتراجع التزوير عن ال99.9% ويكتفي ب83%,ثم مهزلة ما سمي بانتخابات الرئاسة وتعدد المرشحين الأمر الذي رضخ له مبارك بعد ضغوط الخارج والداخل , وقد وجد فيها النظام فرصة لتمرير "التوريث"عبر ديكور من المرشحين المنافسين , وهو ضامن النتيجة بسهولة , فجاءت انتخابات الرئاسة في سبتمبر 2005 و فاز فيها مبارك بنسبة 88.4 % , وكانت المهزلة مابعد الانتخابات حيث أراد "مبارك" التخلص من مرشحين تجرؤوا على منافسته , فلفقت القضايا للمرشح المنافس لمبارك وتم تجريده من صفته النيابية كعضو مجلس شعب ومن حصانته وسجنه , وتدبير انقلاب داخل حزب الوفد للتخلص من الدكتور نعمان جمعه المنافس الثاني ,وفى 26 مارس 2007 ، أُجرى استفتاء على تعديلات ل 34 ماده وتمت الموافقة عليها كالمعتاد بنسبة بلغت 75.9 % .
وقامت الثورة في 25 يناير 2011 في محاولة من الشعب لإنهاء عقود من الظلم و القهر و الاستعباد و الاستعباط و الاستبداد تم فيها استغفاله و نهب ثرواته و التلاعب بأصواته و تزييف إرادته ,وأجريت لأول مرة استفتاءات وانتخابات حرة ونزيهة كان آخرها انتخاب أول رئيس مدني عبر الانتخاب الحر المباشر بنتيجة 51.8% بفارق مليون صوت فقط عن منافسه الذي تخندقت خلفه الثورة المضادة والدولة العميقة ضدر مرشح الثورة الدكتور محمد مرسي , وكان الاستفتاء على دستور 2013م بموافقة 64% من الناخبين مقابل 36%.
و كانت أساليب النظام الديكتاتوري في التزوير و التلاعب في الصناديق محل تطوير مستمر متماشياً مع نمو وعي المواطنين فانتقل من صورية العملية التصويتيه وعدم ارتباطها بأي شكل من الأشكال بالنتائج التي وصلت ل 99.99 % في بداية الأمر انتقل منها إلى تسويد الكشوف و التصويت نيابة عن الناس ثم التصويت نيابة عن الأموات ثم شراء الأصوات و ما يعرف بالبطاقة الدوارة وصولاً إلى التلاعب في النتائج النهائية حتى بعد إعلانها في لجان الانتخابات و نشرها في نشرات الأخبار ليقلب الخاسر من رجال النظام إلى كسبان بكل وقاحة و استهزاء بالناس !!
وبعد انقلاب 3يوليو وإطاحة العسكر والتحالف العلماني الكنسي , بغطاء من حزب النور -الذي لعب دور المحلل- وقيادة الأزهر الأسيرة لنظام مبارك ولجنة السياسات ,تم تشكل ما سمي ب"لجنة الخمسين"لتعديل الدستور المستفتى عليه من الشعب ,وتنتهي من عملها في سرية تامة ,حصنت فيها "العسكر" الانقلابيين , ومن ثم المؤكد أن تمارس عملية تسويد للبطاقات وتقفيل للجان ولتزوير نتائج الاستفتاء .
فمن انقلب على الشرعية , ولم يحترم لا دستور ولا قانون ولا انتخابات حرة , وقتل الآلاف في الشوارع وارتكب المجازر , وأعاد زوار الفجر وقبض على الآلاف واختطف رئيسا منتخبا ,لن يصعب عليه التزوير والتسويد وتقفيل اللجان ,لتمرير دستور جاء على أشلاء ودماء وقتلى وجرحى ودمار لمؤسسات الدولة , وسلطة بوليسية قمعية , ونسي هؤلاء أو تناسوا أن مثل هذه الدساتير تولد ميتة , فهل احترم عبد الناصر او السادات او مبارك دساتير؟ بل هل احترم الانقلابيين دستور الشعب حتى يضعوا دستور ويدعوا المصريين للاستفتاء عليه؟
أن الأمر واضح وجلي أن تزوير استفتاء الدستور قائم ولا محالة وإلا إذا رفض هذا الدستور يعني نهاية الانقلاب ومحاكمة السيسي وعودة الشرعية الدستورية وهذا لا يقبله العسكر ولا السيسي ولا بقاياالفلول ؟
نقلا عن : المثقف الجديد