تشن وسائل اعلام مصرية حملة على لاعب النادي الأهلي أحمد عبد الظاهر على خلفية رفعه شعار رابعة العدوية بعد تسديده هدفاً أدى لحصول النادي الشهير على لقب بطولة أبطال افريقيا يوم الأحد الماضي.
وكان أعضاء في رابطة مشجعي الفريق (ألتراس) قد اشتبكوا في اليوم نفسه مع قوات الأمن مما أعاد التذكير بتاريخ النزاع الطويل لهذه الرابطة مع النظام المصري وأجهزته الأمنية.بعض الأنباء ذكرت ان نجم النادي، محمد ابو تريكة، رفض، في اليوم نفسه، استلام الميدالية الذهبية بعد المباراة لتجنب مصافحة وزير الرياضة المصري، وذهب بدلاً من ذلك الى غرفة الملابس حيث ارتدى قميصاً مكتوباً عليه رقم (72) وهو عدد ضحايا جماهير الاهلي الذين قتلوا في احداث بورسعيد عام ،2012 وهو ما اعتبرته الجماهير يومها انتقام أجهزة الأمن المصرية من جمهور النادي بسبب دوره في اسقاط الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك.
رابطة جماهير النادي الأهلي هي الوجه الأبرز في ظاهرة ترابط الشأن السياسي بالرياضي في مصر، ولذلك تحاول أجهزة الأمن المصرية، جاهدة، قمعها وارهابها بشتى الأساليب لأنها، بحيويتها وارتباطها الحركيّ بكل ما يجري على الأرض المصرية، تفضح الكثير من المخبوء والمسكوت عنه سياسياً.
فورقة ‘التفويض الشعبي’ التي قدمت للنظام المصري الجديد (القديم) الذريعة السياسية لتبرير القمع الذي يتعرض له مؤيدو الرئيس المصري المعزول محمد مرسي تتعرّض للتآكل والحتّ المتسارع نتيجة جرأة أمثال احمد عبد الظاهر ومحمد ابو تريكة ورياضي الكونغ فو محمد يوسف الذي رفع شارة رابعة أيضا بعد فوزه ببطولة العالم للكونغ فو في روسيا.
منطق هؤلاء بسيط ومفحم: إنهم يقدّمون انجازات رياضية كبيرة ثم يهدون انجازاتهم الى الضحايا وليس إلى السلطات التي لا يعرفون منها غير قسوتها وبطشها بهم وتلاعبها الدائم ليس بالشأن الرياضي فحسب بل بكل الشؤون العامة من المقدّس فيها الى الشأن اليوميّ البسيط.
يقدّم هؤلاء الرياضيون انجازاتهم وتفوقهم في وجه سلطات تحترف الفشل وتغطيه بالقمع، وهم يربطون هذه الانجازات بشكل رمزي بسيط بما يؤمنون به. المشكلة بالنسبة للسلطات المصرية هي ان ما يؤمن به هؤلاء لا يركب على السكّة الافتراضية التي يريد الراغبون بالتحكم بالمصريين أن يمشي عليها الجميع، ولذلك تكون الردود هي الاقصاء والتخوين والتشويه.
استنكف أحد الإعلاميين على إحدى قنوات الفضاء المصرية من اسم اللاعب المصري رافع الشارة واعتبره أحد ‘خرفان الأخوان’ فيما اعتبر رفع الأصابع الأربعة ‘شعاراً ماسونياً’.
الابتذال والسوقيّة في الطرح يسيء للنظام المصري وأجهزته واعلامه بدل أن يسيء للأشخاص الذين يبطش بهم ويهاجمهم، وبدلاً من عزل جماعة الأخوان المسلمين فإنه يصبّ الماء في طاحونة الاحتجاج الشعبي الذي سيتصاعد حين لا يرى أن النظام يقدم حلولاً ناجعة لشؤون الشعب المصري البسيطة الاساسية: الخبز والحرية والعدالة والكرامة.
يتلاعب النظام المصري بالشأن الرياضي سياسياً، فيختلق صراعا مع ‘الجزيرة الرياضية’ حول بثه غير المرخّص لمباراة المنتخب المصري مع غانا والذي تقصّد به تحشيد الجمهور المصري ضد قنوات ‘الجزيرة’، أو بقمعه للرياضيين الذين لا يجارونه في مجراه السياسي، كما حصل باستجواب لاعب الكونغ فو محمد يوسف ومصادرة ميداليته، وصولاً الى تاريخ البطش الطويل بلاعبي النادي الأهلي وجمهوره، غير عارف أنه بهذه الغطرسة والجبروت يسجّل أهدافاً كبيرة ولكن… في مرماه.
المصريون، نخبة سياسية وجمهوراً، يعلمون بالدور الكبير لجماهير الناديين الرياضيين الأكثر شهرة في مصر: الأهلي والزمالك في إسقاط نظام حسني مبارك، وهم يعرفون أن الجماهير الرياضية في مصر هي بوصلة سياسية تحدد ‘خارطة الطريق’ التي يؤمن بها الناس لا التي تهبط عليهم من علياء العسكر.