حكومة "المنفى"، عبارة باتت الأهم في الشارع المصري من الأمس إلى إلىوم، وهذا ليس لأنها كلمة غريبة لم نسمعها من قبل، بل لكونها كلمة صادرة من أشخاص قريبين من الإخوان يعرفون ما يقولون.
يومان والجميع يسأل ما معنى حكومة المنفى؟ وهل تنجح الإخوان في تشكيلها؟ وماذا لو اعترفت بها بعض الدول؟ ولماذا اختارت الإخوان فرنسا؟ ما حقيقة وردود الأفعال المؤيدة للنظام الحاكم الآن في مصر تجاه تلك الحكومة؟ لماذا التخوف من تلك الأفكار؟ وما حقيقة الدعم الحقوقي الفرنسي لها؟ وهل تركيا تقف وراء تلك الأفكار كما يقول البعض؟ ...
تباينت ردود الأفعال حول هذا المقترح الذي أحدث ضجة داخل المجتمع من الأمس إلى إليوم.
فهناك من يرى أن حكومة المنفى حملة لكسب التعاطف الدولي، وأن القانون يتيح لها ذلك، وتأخير خارطة الطريق سيعطي تلك الحكومة أحقية، ودعمًا دوليًا، مطالبين بسرعة الانتهاء من الخارطة لتفويت الفرصة على الإخوان، وهناك من يرى أن هذا الكلام مناورات سياسية لن تفيد، وأن شروط تشكيل تلك الحكومة لا تنطبق على الوضع المصري الحالى.
"مكاسبها سياسية"
في البداية، يقول الدكتور مختار غباشي الخبير السياسي، إن حكومة المنفى التي يريد الإخوان أو مناصروهم إقامتها في الخارج من الناحية القانونية مستحيلة، خاصة أن شروط تكوين تلك الحكومات لا ينطبق على الشأن المصري الحالي.
وأشار غباشي، إلى أن تلك الحكومة قد تحقق مكاسب سياسية، وذلك من خلال المكان الذي ستدشن فيه الحملة، وهي فرنسا التي يعرفها الجميع، ويعلم أنها تحتوي على أكبر منظمات حقوقية على مستوى العالم.
الأمر الآخر، حالة الجدل التي ستحدثها تلك الحكومة قد يجعل بعض الدول تتعاطف معها ومع المعتقلين في السجون المصرية، وهذا أيضًا مكسب كبير، مضيفًا أن الحشد الداخلي، والزخم السياسي المناصر للإخوان سيقوي موقفهم قطعًا، لكن هذا كله من الناحية السياسية فقط.
وتابع غباشي، أن الاعتراف بتلك الحكومة أمر صعب، نظرًا لأن غالبية الدول الخارجية لا تعترف سوى بالأوراق، والبنود القانونية، ومن ثم فالشروط التي تنطبق على تشكيل حكومة في المنفى لا تنطبق على الشأن المصري.
"تركيا العقل المدبر لها"
وعلى الجانب الآخر، يقول محمد أبو حامد البرلماني السابق، إن تحركات الإخوان من الخارج واردة، خاصة بعد التضييق عليهم داخليًا من السلطة الحاكمة الآن، وبالتالى فالتحرك وارد لإحراج مصر خارجيًا، حتى يمكن تدشين تواجد، وزخم دولي مشاهد في الخارج.
وأشار أبوحامد ، إلى أن تشكيل تلك الحكومة لها تأثير على أرض الواقع، مبينًا أن الحل في القضاء على تلك الأفكار هو الانتهاء في أقرب وقت من الدستور الجديد، والتصويت عليه، وكذلك الانتهاء من انتخابات البرلمان، الأمر الآخر هو الانتهاء أيضًا من انتخابات الرئاسة، لكن لو تم تعطيل الخارطة أو تعديلها، سيوقع البلد في مأزق، وقد تنجح الإخوان في فرض تلك الأفكار.
وعن اختيار الإخوان لباريس، قال أبو حامد، إن التواجد الاخواني في فرنسا كبير جدًا، وأيضًا لأن فرنسا بها أكبر منظمات حقوقية قد تتعاطف معهم، وأيضًا التواجد لرجال الأعمال الإخوان أكثر في فرنسا وألمانيا، الأهم أن فرنسا مليئة بالجاليات العربية، تونسية، وجزائرية، سيستخدمونها في الحشد للضغط على المنظمات الفرنسية، وأعتقد أن تركيا أيضًا هي العقلية المدبرة لها.
"غير مطابقة للمواصفات"
ومن الناحية الحقوقية، تحدث الدكتور مصطفى السعداوي رئيس المنظمة المصرية للحكم الرشيد، أن الإخوان إذا ما اتجهوا نحو تشكيل حكومة ظل، فإنهم يؤكدون أن النزاع ليس نزاع الوطن أو الحرية كما يدعون، إنما هو نزاع على السلطة، فالمبدأ هنا للسلطة وليس لتحرير الشعب، وهذا سيفقدهم الكثير من التعاطف معهم.
وأشار السعداوي، إلى أن شروط تشكيل حكومة في المنفى لا تنطبق على الوضع المصري، فنحن لسنا في حالة احتلال من دولة أخرى، فمن المؤكد أن هناك قمعًا وقهرًا وظلمًا، لكن هذا الأمر لا يحل بحكومة في المنفى، إنما بمقاومة السلطة الظالمة بالقوانين التي أقرتها النظم الدولية.
ولماذا فرنسا الآن، أكد السعداوي أن فرنسا ترأس أكبر مجموعة من المنظمات الحقوقية في العالم، ولذلك فتوصيل أي معلومات سيكون أسهل، مشيرًا إلى أنه لو تعاطفت أمريكا، أو فرنسا، أو ألمانيا، أو غيرها من الدول بالحكومة لن يتغير في الأمر شيء.
"وسيلة لكسب التعاطف"
يقول عبد الله السناوي الكاتب الصحفي، إن ما ذكر بالأمس عن تكوين الإخوان الدولي، حكومة، تسمى حكومة المنفى تدير شؤون البلاد بعد زوال الانقلاب، على حد قولهم، أعتقد أنه ليس هناك دلالة قاطعة على اتجاه الإخوان لهذا الأمر، فما تم الإعلان عنه هو كلام لبعض أنصارهم ليس أكثر.
وأضاف السناوي ، أن هذه الأفكار غالبًا توجد في الدول التي تخضع تحت رحمة الاحتلال، وتكون تشكيل تلك الحكومات وسيلة لكسب تعاطف الدول والاعتراف بها لتحول أوراقها بعد ذلك من حكومة شكلية إلى حكومة معترف بها دوليًا، وبعدها من الممكن أن تقاضي السلطة الحاكمة وتنزع اختصاصاتها.
وتابع السناوي، أن هذا الأمر لن يتحقق، خاصة أننا اقتربنا من الانتهاء من الدستور الجديد، وسيستفتى عليه الشعب خلال أيام، وبعدها سيتم تشكيل حكومة من الممكن أن تمثل الإخوان فيها، وبالتالى فهذا التفكير لن يحدث في مصر.
ولفت إلى أن ما يحدث الآن من الجانب السوري، وتكوينهم لحكومة خارج البلاد كان سببًا وراء تفكير بعض المناصرين للإخوان إلى التفكير لتكوين حكومة مصرية في المنفى.
جدير بالذكر، أن حكومة المنفى قد أعلن عنها أمس الدكتور محمد الجوادي على حسابه الشخصي، وذكر أن الحكومة ستدير شؤون البلاد بعد زوال الانقلاب على حد وصفه، وأنها ستضم وزراء من المعتقلين الآن في السجون وآخرين من الخارج، أمثال الدكتورة نادية زخاري، وعاذر، وغيرهما، كما أن الحكومة سيعلن عنها من باريس خلال الأيام القادمة.