أهم الأخبار : :

الغضب على باسم .. هو شهادة نجاحه ... طه خليفة

Unknown الثلاثاء، 29 أكتوبر 2013 | 9:23 م

لم يسلم باسم يوسف من غضب أنصار الإخوان، كما لم يسلم من غضب أنصار السيسي. كنت أتصوّر أن توازن باسم وسيره بكل خفة ورشاقة على الحبل المشدود سيُرضي الجميع، لكن ثبت أن لا أحد خرج راضيًا من المعسكرين المُتصارعين بكل أدوات الصراع. أكثر ما أزعج كل طرف أن باسم قال الحقيقة بتجرد حتى لو كان لطيفا مع السلطة، لكنه قال لها ما لا يقوله أيا من أنصارها.  لم يؤلف شيئا من عنده ولم يأت بواقع من بلد آخر، إنما هو فقط عرض ما يحدث في مصر، لكن في شكل مركز وساخر ودون مكياج لتجميل ما يصعب تجميله. لماذا لا يكون باسم هو مرآة الإخوان ليروا فيها أنفسهم وهم منفصلون الواقع الجديد؟، ولماذا لا يكون مرآة السلطة وهي تحاول إنكار وجود أزمة عنيفة لن تحل بكل وسائل الأمن، إنما ستحل بكل أدوات السياسة بعيدا عن المتطرفين الذين لا يريدون إلا أنفسهم وحدهم في الساحة والخلاص النهائي من خصم عنيد. كنت أتصوّر أيضًا أن اعتدال باسم وعدم ميله نحو هذا الطرف أو ذاك سيجعل الكتلة الحرجة الأكبر في الشعب المصري التي أزعم أنها تقف معه في نفس منطقته الوسطيّة التي ظهرت في الحلقة الأولى سترفع صوتها إلى جانبه لمؤازرته، لكن من الواضح أنها عادت مرّة أخرى للجلوس على الكنبة مكتفية بمتابعة فصول الصراع، لكن نلتمس العذر لتلك الكتلة الضخمة بأنها لا تملك إعلامًا معبرًا عن صوتها الحقيقي، فالكل يتاجر بها سواء الإعلام المؤيد للإخوان على ندرته، أو الإعلام المؤيد للسلطة على اتساعه، الكل يحتكر الشعب ويتحدث باسمه ويقول إنه يقف معه ويدعمه وحده، وأن الآخر بلا أي غطاء شعبي ، وهذا غير دقيق ، كلهم يحبون الشعب، لكن الشعب يحب من اليوم ؟، أقول اليوم أي الذي يُنشر فيه هذا المقال وبعد مرور ما يقرب من 4 أشهر على 30 يونيو حيث بدأ التململ على قطاعات من الشعب بسبب سوء الأوضاع المعيشية والحياتية والخدمية، وهذا هو الذي جعل الكتلة الحرجة المرجحة والهادرة تعطي 30 يونيو المعنى الشعبي الحقيقي الذي لا يريد أن يدركه ويعترف به الإخوان، فالمعارضة بكل أطيافها وحركاتها وأحزابها القديمة والجديدة والشبابية لم تكن تملأ ميدان التحرير لو خرجت كلها في هذا اليوم، وهذا ما جعل الإخوان مطمئنين إلى أن 30 يونيو سيمرّ كأي يوم سابق من المليونيات الـ 24 التي جرت في العام الوحيد لمرسي ولم يكن يشارك فيها سوى الآف قليلة، وهذا ما جعل مرسي يقول للسيسي إن الذين خرجوا لا يزيدون على 120 ألفًا وبالتالي ليس هناك شعب حقيقي يتوجب عليه تلبية مطالبه في انتخابات مبكرة، أو حتى استفتاء على بقائه أم رحيله، لكن الذي قلب الموازين هو خروج حزب الكنبة، وهم المواطنون العاديون الذين ليس لهم في صراعات الساسة والسياسة والسلطة ولعبة الكراسي والدولة المدنية والدينية والدستور أولاً أم الانتخابات والدولة العميقة والضحلة وإلى آخر كل هذا الترف الفكري الذي لا يشبع بطنًا ولا يشفي مرضًا، المواطنون الذين خرجوا كان دافعهم الأول فشل الحكم في توفير الحدّ الأدنى من الحياة المعقولة والكريمة بعد أن كانوا متفائلين بأن انتخاب الرئيس سيكون فيه الحل لأعقد مشاكلهم، وهم اليوم يجدون أن نفس المشاكل التي أطاحوا بمرسي بسببها تزداد وتتعمق لذلك يعودون إلى سيرتهم الأولى في التأفف والانتظار ربما لخروج آخر كبير يهزّ عرش السلطة الحالية، وهذا ناقوس خطر لها. هذا الشعب هو جمهور باسم، وهو بلا صوت حقيقي معبر عنه، وباسم يمكن أن يكون صوته، فهو يستقي منه أفكار ومادة حلقاته، ويحصل على شعبيته ونجاحه منه، أما المتصارعون فهم يتاجرون بالشعب المسكين وبآلامه، ويتسترون خلفه في تمرير أهدافهم وغاياتهم ولا يهتمون به إلا عندما يحتاجون إلى دعمه وتأييده. في معسكر الإخوان خرجت عائشة ابنة خيرت الشاطر لتهاجم باسم وتقول إنهم أخرجوا "الأراجوز" و " المهرج" إدراكًا لإفلاسهم لأنهم يحتاجونه من جديد، وهذا تصلب وانغلاق عقلي منها، وهي لو شاهدت الحلقة لشكرت باسم لأنه وكما قلت لم يركز سخريته على الإخوان وحدهم ولم يكن ذلك منطقيًا أبدًا بعد إبعادهم عن السلطة لكنه تجاوز الخط الأحمر وهو نقد رموز الدولة منصور والسيسي والببلاوي، ولذلك كان بيان "سي بي سي" مثيرًا للاستغراب وهو يأخذ على باسم بعض ما ورد في الحلقة ويركز خصوصا على عبارة "رموز الدولة" فتلك القناة التي تحصد مزيدًا من الشهرة والمال من وراء برنامجه لم تتحدث عن "رموز الدولة" في عهد مرسي، ومن هنا نخشى أن تكون المحطة تتعرّض لضغوط من بطانة السلطة، أو تكون هي ملكية أكثر من الملك فتقوم بتقييد حرية باسم ذلك أن أيًا من رموز الدولة المعنيين لم يتحدث عن ضيقه أو غضبه حتى الآن، والمقابل لعائشة الشاطر هي غادة عبد الرازق التي خرجت لتهاجم باسم وتشارك في زفة النفاق الماسخ ، ومشكلة مصر الحقيقية هي في تلك النوعية التي تتاجر بكل شيء وتزين كل شيء لصاحب السلطة بينما هي الخطر الداهم عليه. هل باسم في مأزق اليوم حول ما يمكن أن يقوله في الحلقات التالية، فالحملة عليه تشتد ومعظم من كانوا يشيدون به بالأمس صاروا أول من يهاجمونه اليوم بعد الخلاص من مرسي؟!. وهذه ميزة أخرى لذلك البرنامج حيث تتساقط أقنعة دعاة الحرية لتظهر تحتها الوجوه الاستبدادية الحقيقة.