حصلت "الفجر" على نص بيان الإخوان المسلمين، والذي صدر قبل قليل، رداً
أحداث "المقطم"، أمس الجمعة، والاعتداء على عدد من مقار الجماعة.
وفيما يلي نص البيان:
(يحاول الكثيرون من هنا وهناك جرَّ البلاد إلى ما كانوا يرددونه دومًا من
كوارث ومصائب وحروب أهلية، حاولوا ضرب مقر رأس الدولة في جُمْعات متتالية
أمام الاتحادية وفشلوا، ثم حاولوا النَّيل من مباني ومؤسسات الدولة بكل
رموزها ووزعوا العنف في عدة محافظات وفشلوا.
فها هم اليوم يستهدفون الإخوان ومقراتهم من أجل النفوذ إلى المجتمع، وضرب
بعضه ببعض مستخدمين أحطَّ الوسائل وأقذر المعارك من صبية صغار وبلطجية جناة
محاولين جرَّ قاطرة الإخوان إلى دائرة العنف ووضعوا في الواجهة عبارات
وأسماء لم تَعُد تَخِيل على الشعب المصري مثل "ثائر" أو "ناشط" أو غير ذلك.
بالأمس، واصل هؤلاء المفسدون محاولاتهم فاعتدوا على مقرات الإخوان في
المحافظات المختلفة، وانتهكوا حرمات المساجد وحاصروها مستهدفين الآمنين
بداخلها، ومنعوا سيارات الإسعاف من الوصول للمصابين، وداهموا المنازل بوابل
من المولوتوف والخرطوش والأسلحة البيضاء، وروَّعوا الآمنين من سكان
المنطقة وتُجارها.
ونتج عن هذه الاعتداءات إصابة المئات من الإخوان تم علاج غالبيتهم داخل
المقرات، بينما تم دخول 176 حالة إلى المستشفيات، منها 26 حالة حرجة (نزيف
بالمخ – نزيف بالصدر– وإصابات عدة بالخرطوش في العين والرأس).
كما تم حرق 10 حافلات وهذا بخلاف تحطيم زجاج العديد من السيارات الخاصة،
والاعتداء على مقرات بالمنصورة والمحلة والفيوم والمنيا، بالإضافة إلى
الهجوم السافر على مقرِّ منيل الروضة وسرقة محتوياته، وترويع الفتيات به،
وكنَّ يُحضِّرن لاحتفالات خاصة بالأم المثالية.
إن بداخل الإخوان غضب واحتقان لا يعلم قدره إلا الله تعالى، يتعرضون لكل
أنواع السباب والشتائم والنيل من الأعراض والاعتداءات قبل الثورة، وبعدها
ويدفعون فاتورة باهظة بعد انتخاب أحد أبناء هذه الدعوة رئيسًا للجمهورية في
بداية عهد مدني جديد؛ ليواجه دولة عميقة مُتجِّذرة في أنماط الفساد
والاستبداد، ومع هذا لا ينوون إنفاذ هذا الغضب إلا في إطار القانون والشكل
السِّلمي إيماناً منهم بأن الله سبحانه لا يصلح عمل المفسدين، وأن دولة
الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة؛ معتصمين بكتاب الله، مستمسكين
بسير الصحابة والصالحين الذين ذاقوا المرارات وتجرَّعوا الكثير من الآلام،
وفي مخيلتهم أيضًا تجارب تاريخية سابقة قدَّم فيها الرعيل الأول للإخوان
المسلمين أعظم الدروس وأقوى العبر في الحفاظ على الحق وتوجيه الجهاد إلى
ميدانه الصحيح، ولو كان للإخوان "ميليشيات" كما يزعم بعض الحانقين على
الإخوان ولو كانوا ينتهجون العنف لما صبروا كل هذا الصبر، ولكن أحكام الشرع
هي التي تعصم من استعصم بها.
آن الأوان للأجهزة الأمنية أن تضرب بكل قوَّة على الجناة والمعتدين على
الحياة العامة والخاصة، وكل ذلك في إطار القانون والحفاظ على كرامة الإنسان
والمجتمع، آن الأوان لأجهزة التحقيق أن تكشف عن أسماء ورموز المفسدين في
الأرض والذين أثبتت الأحداث أن بعضَهُم يدَّعي أنهم رموز سياسية، فلم
يَعُدْ في الوقت متَّسع لأي لبس أو غموض، حق المعرفة حق طبيعي وخاصة للشعوب
التي تسير في مسيرة الإصلاح والثورة على كل ما أفسده النظام السابق
وأعوانه في المشهد الحاضر، كما أن على السلطة التشريعية تقديم كل ما يخدم
منظومة الأمن في البلاد بشكل مهني ومحترف؛ حتى لا تكون الأيدي التنفيذية
مغلولة عن القيام بواجبها. ونطالب كل قوى المجتمع المحِبَّة للأمان
والسِّلم الاجتماعي وكل الأحزاب التي تنتهج النهج السلمي أن تقف وبكل قوة
أمام دعوات التظاهر المحرِّضة على العنف، وعدم الاكتفاء بإدانة الخسارة
الواقعة، بل وإدانة أي محاولة للحصول على أي مكسب سياسي مزعوم من على مسرح
العنف .
ونعلن الآن وبكل وضوح أننا نؤمن بالسلمية إيمان منهج وأخلاق، ولكن السلمية
لا تعني أن يكون الإخوان كلأً مباحًا أو أن يكون الوطن نهبة لسماسرة العنف
أو لمنتفعين من فساد السنوات السابقة، وقد قررت الجماعة تتبع كل من دعا
وحرَّض على هذه المظاهرات أو شارك فيها بكل الإجراءات القانونية التي تردّ
الأمور إلى نصابها، ولن نترك حقًّا من حقوقنا، حتى وإن تظاهر بإدانة العنف،
رغم علمه أن المظاهرات ستؤدي يقينًا للعنف، بل وجاء بعضهم حاملاً لأدوات
العنف.
وختامًا.. فإننا نُحيِّي شباب الإخوان المسلمين الذين ضحُّوا بدمائهم
الغالية والتزموا ضبط النفس، على الرغم مما تعرضوا له من اعتداء؛ مقدمين
صالح هذا الوطن على حظِّ نفوسهم، ولهؤلاء جميعًا نتوجه لهم بالتقدير
والإعزاز على هذا الصبر الذي لا يقوى عليه إلا أصحاب العزائم متمثلين قول
نبيهم صلى الله عليه وسلم: "ليس الشَّديد بالصُّرَعَة إنما الشديد الذي
يملكُ نفسَهُ عند الغضب"، ونتوجه لمسؤوليهم أيضًا بالتقدير على ما بذلوه من
جهد في ضبط صبر الشباب على ما نالهم من أذى، رغم قدرتهم على الرد على ما
أصابهم، كما نُثمِّن مجهود كل من ساند الإخوان من التيارات الإسلامية ومن
الأهالي لحماية مقرَّاتهم، والله تعالى وحده هو الذي يثيب كل من ضحَّى وبذل
وتحمَّل ضررًا على نفسه وماله.