أهم الأخبار : :

توابع الحكم بإعدام محمد مرسي اقرأ المقال الاصلى فى المصريون

Unknown السبت، 16 مايو 2015 | 9:47 م

توابع الحكم بإعدام محمد مرسيبطبيعة الحال ، حدث اليوم الأكثر صخبا وخطورة ، هو حكم محكمة جنايات القاهرة بإعدام أكثر من مائة قيادي في الإخوان المسلمين ، في مقدمتهم الرئيس الأسبق الدكتور محمد مرسي ، والعالم الكبير الدكتور يوسف القرضاوي ، الرمز الديني الأكثر شهرة في العالم الإسلامي اليوم ، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر سابقا ، حيث قضت المحكمة بإحالة أوراق الجميع إلى المفتي ، وهوإجراء يكون تمهيدا لإصدار حكم الإعدام ، إلا إذا جد جديد مهم واستثنائي لدى هيئة المحكمة ، والحكم قاس جدا ، ومفاجئ ، سواء في عدد من ينتظرون الإعدام فيه ، أو نسبة هؤلاء إلى مجمل عدد المتهمين ، حيث نال أكثر من ثمانين في المائة إعدام ، إضافة إلى أنه أول حكم يصدر بإعدام الرئيس الأسبق مرسي ، وتلك النقطة هي الأكثر حساسية ، خاصة بالنسبة للمجتمع الدولي ، الذي لم يهضم حتى الآن الطريقة التي أزيح بها مرسي من السلطة ، ويتحدث عنه الإعلام الدولي بأنه "أول رئيس مصري منتخب بإرادة حرة " ، وقد كان في الحكم بعض الغرائب التي تابعها الإعلام العربي والدولي ، مثل الحكم على بعض الموتى بالإعدام ، ومثل الحكم على معتقل فلسطيني في سجون إسرائيل قبل خمسة عشر عاما بالتورط في اقتحام السجون المصرية عام 2011 ، وهي وقائع محرجة جدا للقضية ، بطبيعة الحال . الأزمة في مصر ، والإشكال في مصر ، هو إشكال سياسي صريح ، والوجه القانوني أو القضائي له ربما كان من تبعات هذا الاشتباك السياسي والانقسام الخطير في المجتمع المصري ، لأن الكثيرين ـ داخل مصر وخارجها ـ لن يستوعبوا أن يحاكم مرسي على واقعة سياسية وأمنية معروفة ومعلنة له عام 2011 فجأة ، بعد أن كان هو رئيس الجمهورية المنتخب ، وبعد أن زكته جميع أجهزة الدولة الأمنية والإدارية والقضائية عند اللجنة القضائية العليا للانتخابات للترشح للمنصب الأرفع في مصر ، ولم يقدم أي جهاز أي مستند أو دليل ضده لمنعه من الترشح عندما كانت اللجنة القضائية العليا للانتخابات تفرز الأوراق ، كما أن الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها مرسي أشرف عليها وأدارها المجلس العسكري بكامل أذرعه الأمنية ، بمن فيهم المخابرات الحربية التي كان على رأسها اللواء السيسي وقتها ، واحترم الجميع النتيجة وانصاعوا لقرارات مرسي بوصفه الحاكم الشرعي المنتخب ، حتى قراره بإقالة وزير الدفاع المشير طنطاوي ورئيس الأركان الفريق سامي عنان وتعيين وزير دفاع جديد ، وكان القادة العسكريون يؤدون له التحية ، بمن فيهم الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي ، وحتى في ترتيبات 3 يوليو كما كشف كثيرون بمن فيهم الرجل الثاني في مؤسسة الرئاسة وقتها "الدكتور محمد البرادعي" ـ نائب رئيس الجمهورية ـ كان الاتفاق الأساسي هو شراكة للإخوان في المرحلة الجديدة ، فلما تمت الإطاحة بمرسي في أحداث 3 يوليو 2013 ، حتى إذا تعقدت الأمور رغم الوساطات الدولية التي رحب بها السيسي ، وصعب الوصول إلى تسوية ، بدأت الاتهامات تنهال وخرجت أوراق وأحيل مرسي للمحاكمة مع الآلاف من قيادات وكوادر جماعته ، ثم انتهى الأمر إلى التمهيد لإعدامه بإحالة أوراقه للمفتي . ولذلك ، أعتقد أن حل هذه الأزمة لن يكون عن طريق القضاء ، وإنما عن طريق الحكمة السياسية ، وأيا كانت أحكام القضاء ، فإن رئيس الجمهورية يملك ـ دستوريا ـ مفاتيح عديدة لتسوية الأمور إذا رغب في ذلك ، أو إذا اقتضت ذلك المصلحة الوطنية ، كما أن هذا "الجذر" السياسي للإشكال والأزمة في مصر ، يجعل حسابات الربح والخسارة مختلفة أمام أحكام كهذه ، وبدون أدنى شك فإن الرئيس السيسي ونظامه السياسي هو الخاسر الأكبر من صدور تلك الأحكام وتوابعها الإعلامية والسياسية والديبلوماسية والاقتصادية والأمنية أيضا ، كما أن توالي تلك الأحكام ، ووصولها إلى رأس الرئيس الأسبق محمد مرسي نفسه ، تستدعي التفكير بمنطق مختلف وسريع ، وخطوات أكثر جرأة ، لتسوية الانقسام السياسي والاجتماعي الذي يعصف بمصر ، ويهدد مستقبلها ، في محيط إقليمي مضطرب ومخيف .